مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[طبع القلوب]

صفحة 235 - الجزء 1

  {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ٤٦}⁣[فصلت]، وقوله: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ١٥}⁣[الإسراء]، {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ٣٩}⁣[النجم]، {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ٧ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ٨}⁣[الزلزلة]، {وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا}⁣[الأنعام: ١٦٤].

  وإنما ذلك الطبع طبع حكم وتسميةٍ، حَكَمَ عليهم ø وسمّاهم: مطبوعاً على قلوبهم، بما اختاروا من الضلال وتركوا الحق، وما جاءت به الرسل صلى الله عليهم، ولو كان الأمر على ما ذهبتَ إليه، لم يكن اليهود والنصارى اليوم مكلفين الايمان، وكيف يكلفون الايمان وقد حال الله بينهم وبينه بالطبع على قلوبهم - زعمت؟! وفي هذا الخروج من حكم القرآن، والتجوير لرب العالمين.

  وهذا يوجب على أهل الإسلام أن لا يقاتلوا الروم، ولا يَسبُوا حرماتهم، ولا يغنموا أموالهم، ولا يسفكوا دماءهم، ولا يدْعوا يهودياً ولا نصرانياً إلى الدين أبداً، لأنهم - في قولكم - قد طبع الله على قلوبهم، ولا حيلة لهم في الرجوع إلى الايمان، من أجل ذلك الطبع الذي قام به عذرهم - في قولكم - وهذا أعظم الجور، وأبين الكفر، إذ أنزل الله ø علينا قرآنا مع نبي صادق، يقول لنا فيه: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ}⁣[الأنفال: ٣٩].

  فكيف يكون الدين كله لله، وقد طبع الله على قلوبهم بالقسر والجبر حتى لم يقدروا على الخروج من الكفر في زعمكم. ونحن فلا ننسب إلى ربنا هذا، عزّ وتعالى أن يكون هذا في حكمه، أو في ملكه واتقانه، عزّ الله وجل عن هذا القول الذي قلتم!

  وكذلك قوله في اليهود: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ٢٩}