[شبهة في قوله، {ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا}]
  والمرسلين والشهداء والصالحين والمؤمنين النار، وأن يُدخل المشركين والكافرين وجميع الظالمين والعاصين الجنة، ولا يكون ذلك منه ظلماً ولا جوراً؟!
  فإن قلت: إن ذلك شيء لا يجوز.
  قلنا لك: من أين قلت بأنه لا يجوز؟
  فإن قلت: لأن الله ø عدل لا يظلم ولا يجور، رجعت عن قولك وصرت إلى قولنا بالعدل!
  وإن قلت: إنه جائز أن يدخل الله الأنبياء والمؤمنين النار، ويدخل المشركين والكافرين الجنة، ولا يكون ذلك منه بظلم، تركت القرآن صراحاً، وخرجت من حدّ من يُكلَّم عند جميع الناس، وبان جهلك وفارقت الاسلام، وخرجت من قوله ø: {كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ}[الأنعام: ١٢]، مع آيات كثيرة قد أوجب فيها على نفسه الجنة للمطيعين، والنار للعاصين.
  ثم قال: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا ٨٧}[النساء]، {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا ١٢٢}[النساء]، وقوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ٩}[آل عمران: ٩، الرعد: ٣١]، وقد كفاك آخر الآية التي ذكرت في ضيق الصدور وحرجها، قوله ø: {كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ١٢٥}[الأنعام]. فوجب أنه إنما جعل ذلك التضييق والحرج حُكماً حكم به عليهم، وتسمية سماهم بها، لما استحقّوه بتركهم لدينه، وأنهم لم يستعملوا عقولهم التي وهبها لهم، وركّبها فيهم، في طلب الحق و النجاة من النار. فهذا هو جواب ما سألتنا عنه، والحمد لله رب العالمين.