مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[شبهة في قوله، {أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم}]

صفحة 258 - الجزء 1

  يكون ما أراد إبليس، فغلبت إرادة إبليس ومحبَّتُه إرادة الله ومحبته، وكانت أقوى منها؟!

  فإن قالوا: نعم، فهذا من أعظم الافتراء على الله! لأنهم يُسألون عن ذلك أليس قوة إبليس أقوى من قوة الله؟! فقد يكون بعض خلقه أقوى منه في بعض الأمور، ولن يعطوك هذا. فإن قُطعوا به ولم يجيبوك فيه وقالوا: بل يكون ما أراد الله أن يكون، ولا يكون ما أراد إبليس أن يكون، وإرادة الله ومحبته أقوى من إرادة إبليس ومحبته، فكذلك [فولنا]، تعالى الله وتبارك، ما أراد أن يكون فسوف يكون كما أراد الله أن يكون، لا يُعجزه شيء، ولا شيء أقوى منه، ولا مثل له ولا شبيه ولا ند، تبارك ربنا وتعالى!

  الجواب قال أحمد بن يحيى ª: وسألت عن قول الله جل ثناؤه: {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ}⁣[المائدة: ٤١]، وقلتَ: ما يعني بذلك متعنتاً لنا، وزارياً علينا، فاسمع ما نردّ عليك بحول الله وطَوْله، من إثبات العدل ونفي الجور، والقول على الله جل ثناؤه بالحق، وبالله نستعين وعليه نتوكل.

  وإنا نقول لك: اعلم علماً يقيناً لا كذب فيه أن ليس في جميع القرآن من أوله إلى آخره آية واحدة يثبت بها الجبر، ولا يتعلق أهله منها بشعرة واحدة، وليس من سورة إلا وفيها العدل قائم واضح، شاهد الله ø بعدله ونفي الجور عنه.

  ونحن نسألك فنقول لك: ما تقول إن سالك سائل فقال لك: هل لله سبحانه حق فيه باطل، أو باطل فيه حق؟

  فإن قلت: لا يجوز ذلك، جئتَ بالحق، ولزمك أنك قد رجعت عن مذهبك، وصرت إلى قولنا بالعدل.

  وإن قلت: نعم، لله حق فيه باطل، أو باطل فيه حق، أكذبتَ القرآن، كفرت بالرحمن، وصرت إلى قول عبدة الأوثان، لأنه ø يقول وقوله الحق: {بَلْ