مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[شبهة في قوله، {أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم}]

صفحة 259 - الجزء 1

  نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ ١٨}⁣[الأنبياء]، وهذا أكبر الدليل أن ليس لله ø حق فيه باطل، ولا باطل فيه حق، وذلك عن الله ø منفي.

  ثم نقول لك أيضا: خبّرنا عن قول الله سبحانه: {فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ٥٤}⁣[يس: ٥٤]، هل أنت مقر بهذه الآية؟

  فلابد لك من نعم.

  فإذا قلت ذلك.

  قلنا لك: فهل صدق الله جل ثناؤه في هذه الآية أنها حق كما قال، وأنه يوم القيامة لا يظلم أحداً شيئا، ولا يجزيهم إلا ما كانوا يعملون.

  فإن قلت: لا، كفرتَ.

  وإن قلت: نعم، لزمك أن جميع ما عددت وسطرت في كتابك، وتأولت من الفرية على الله ø باطل قد كذبت فيه، إذ أقررت أنه لا يظلم ولا يجزي إلا بما عملوا.

  فإن قلت: إنه ما فعل من ظلمٍ لم يكن بظلم.

  قلنا لك: فهذا كلام المجانين، وقد احتججنا عليك في بطلان ذلك في هذا الكتاب بما لا تدفعه أنت ولا غيرك أبداً.

  ثم نقول لك: هذه الآية التي سألت عنها، من قوله ø: {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ}⁣[المائدة: ٤١]، هي من وسط كلامٍ تركت ما قبله وما بعده، وما عليك فيه من وجوب الحجة، وثبات العدل، وفساد دعواك في الجبر