[شبهة في قوله، {أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم}]
  نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ ١٨}[الأنبياء]، وهذا أكبر الدليل أن ليس لله ø حق فيه باطل، ولا باطل فيه حق، وذلك عن الله ø منفي.
  ثم نقول لك أيضا: خبّرنا عن قول الله سبحانه: {فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ٥٤}[يس: ٥٤]، هل أنت مقر بهذه الآية؟
  فلابد لك من نعم.
  فإذا قلت ذلك.
  قلنا لك: فهل صدق الله جل ثناؤه في هذه الآية أنها حق كما قال، وأنه يوم القيامة لا يظلم أحداً شيئا، ولا يجزيهم إلا ما كانوا يعملون.
  فإن قلت: لا، كفرتَ.
  وإن قلت: نعم، لزمك أن جميع ما عددت وسطرت في كتابك، وتأولت من الفرية على الله ø باطل قد كذبت فيه، إذ أقررت أنه لا يظلم ولا يجزي إلا بما عملوا.
  فإن قلت: إنه ما فعل من ظلمٍ لم يكن بظلم.
  قلنا لك: فهذا كلام المجانين، وقد احتججنا عليك في بطلان ذلك في هذا الكتاب بما لا تدفعه أنت ولا غيرك أبداً.
  ثم نقول لك: هذه الآية التي سألت عنها، من قوله ø: {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ}[المائدة: ٤١]، هي من وسط كلامٍ تركت ما قبله وما بعده، وما عليك فيه من وجوب الحجة، وثبات العدل، وفساد دعواك في الجبر