[شبهة في قوله، {أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم}]
  وقوله ø ينفي عن نفسه ما أسندتْ إليه المجبرة، ويُعلمنا أنه لم يضلل خلقه، ولم يرد كفرهم، وأن إبليس هو الذي أراد ذلك منهم، وأنهم أطاعوه باتباع أهوائهم، بعد البيان والإعذار والإنذار، فقال ø: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ١٦ فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ ١٧}[الحشر]، وقوله: {فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ ٤٨}[الأنفال]. فأي ظلم تراه يَلزمهم إن كان الأمر على قولك: إن الله ø أراد أن يكون بعض الناس ظالمين، وبعضهم مؤمنين. عزّ الله عن ذلك!
  ومن الرد عليك فيها احتججت به من أمر إبليس الحجة الواضحة، فاسمع إلى قولنا، فإنا نردّ عليك السؤال الأول، فنقول لك: أخبرنا عن محمد رسول الله صلى الله عليه ما أراد من الكفار، حيث بُعث إلى جميع أهل الأرض، هل أراد منهم الكفر أو الإيمان؟!
  فإن قلت: أراد منهم الكفر، أكذبك الله ø، في قوله: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ١٠٧}[الأنبياء]، وقوله سبحانه: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ١٢٨}[التوبة].
  ويلزمك الكفر إن قلت: إن رسول الله صلى الله عليه أراد الكفر من الكفار.
  وإن قلت: أراد منهم الايمان، كان ذلك هو الحق، وهو قولنا وقول المسلمين جميعاً.
  فنقول لك عند ذلك: فأخبرنا ما أراد الله من الكفار؟