مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[شبهة في قوله، {أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم}]

صفحة 268 - الجزء 1

  أفلا تسمع إلى قوله إنهم هم أشركوه باتباع الهوى، والإعراض عن الهدى؟

  ثم نقول لك: أخبرنا هل صدق إبليس فيما حكى الله ø عنه في هذه الآية على الكفار، أم كذب عليهم؟

  فإن قلت: صدق إبليس، لزمك أنك لنا ظالم، ومحاجّتك لنا كفر بالله العظيم، وأن كل ما ادّعيت قد كذبت فيه، وبان جهلك وفريتك على الله ø.

  وإن قلت: بل كذب إبليس ولم يصدق فيما حكاه الله ø عنه في هذه الآية، لزمك أن الله تبارك وتعالى أخبر عن إبليس وعن احتجاجه على أعداء الله ø بالكذب والمحال والباطل، وأنه أنزل على نبيه صلى الله عليه قرآنا لا معنى له، ولا حجة فيه على أعدائه، وأن الله ø قد احتج في هذا الموضع، بحجة باطلة فاسدة لا وجه لها، وكفرت بهذا القول، وخرجت به من الاسلام، وهذا أقوى وأوضح وأبين عند كل سامع ذي لبّ وفهم، من قولك: إنا نعظم الفِري على الله ø، ومن تكريرك في أن قوة إبليس أقوى من قوة الله، تلزمنا ذلك - زعمت - فاسمع ما حلّ بك من النكال في الدنيا قبل ورودك إلى الآخرة.

  ثم نقول لك: أليس إنما أراد الله ø من أبي جهل الكفر في قولك، وأن محمد صلى الله عليه أراد منه الايمان، فأيهما أولى أن يكون وليًّا لله وصفوةً؟ الذي وافق إرادته، أو الذي خالفها؟!