[شبهة في قوله، {أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم}]
  واسمع إلى قوله ø: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا ٦٠}[النساء]. أهذا ويحك قول من أراد منهم الكفر وقدّره عليهم وخلفه من فعلهم؟!
  سبحان الله العظيم، وتعالى عما قلتم علوا كبيرا!
  ألا ترى كيف تضربون وجه القرآن، وتردون عليه مكابرة للعقول، وتركاً الاستعمال النظر، وتدبُّرَ القرآن، فالله المستعان!
  والدليل على أن الله جل ثناؤه عدلٌ لا يجور على خلقه، ولا يقضي عليهم بالفساد، إقرارُ المخالفين لنا أنه ø غنيّ، فلما صحّ أنه غني، نظرنا ما سبب جور الجائر، وما الذي حمله على الجور؟
  فإذاً الجائر لم يحمله على الجور إلا استجلاب منفعة لنفسه، أو دفع مضرة عنها، ولولا ذلك لم يجُر ولم يظلم، وإذاً ذلك الفعل لم يفعله إلا فقير محتاج، غير غني عن فعل ذلك، وإذاً الواحد الرحمن الكبير المتعالِ، القوي القادر القاهر، عزّ وتعالى، غني على الحقيقة لا على المجاز، وهو غني عن عباده، ولا يحتاج إلى شيء من جميع الأشياء كلها، والغني عن عباده لا يستجلب لنفسه منفعة، ولا يدفع عنها مضرة.
  فصح وثبت أن الجور والظلم عنه منفيّ، إذ لا فاقة تلزمه، ولا حاجة تضطره، إلى استجلاب منفعة، ولا دفع مضرة، تقدَّس عن ذلك رب العالمين، الذي