مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[شبهة من ميز بين الكفر والايمان]

صفحة 53 - الجزء 2

  فإن قلت: إن الله خلق القصيدة قبل اكتساب لبيد لها، وخلقه صنعُه - زعمتم - لزمكم أن الله ø قد صنع كل ما في قصيدة لبيد من العظائم، وكذلك كل شعر هو صنعُه وفعله.

  وإن قلتم: إن الله ø خلق قصيدة لبيد بعدما اكتسبها لبيد، لزمكم أن قول لبيد لها كان قبل صنع الله، وأن صنع الله إنما هو تابع لصنع لبيد، فاختاروا أي هذين القولين شئم، فأيهما ما قلتم به، ألزمكم الكفر والخروج من دين الاسلام.

  ثم نقول لكم: لابد لكم أن تقولوا: إن الله ø خلق هذه القصيدة وحده منفردا بخلقها وصنعها، لا صانع لها غيره.

  فإن قلتم ذلك وأجزتموه، قلنا لكم: فقد لزمكم في صفة ربكم ما وصف لبيد، وأن لبيدا لا فعل له فيها، وكفرتم.

  وإن قلتم: إن الله ø خلق بعضها، ولبيد بعضها، لزمكم أن معبودكم خلق نصف ما قال لبيد وصنعه، ونصف ما قالت الشعراء أو صنعت، من وصف الخمر والمغنيات وجميع البلايا!

  وهذا ما لم يسبقكم إليه الزنادقة ولا المجوس، ولا أحد من الملحدين، ولم تظن يا عبد الله بن يزيد البغدادي ولا غيرك من المجبرة أنكم تجابون بمثل هذا الجواب الهاتك لأستاركم، والمبين لعواركم أبدا! ولا بد لك من أن تقول ببعض هذا.

  وإن قلت: لا أقول إن الله خلق أشعار العرب ولا صنعها، لزمك أنك قد رجعت عن قولك بالجبر، وصرت إلى قولنا بالعدل، وأن الله لم يصنع أشعار العرب، ولزمك أنك قد كنت كاذبا علينا في دعواك: أنا مفترون على الله ø.

  ثم نقول لك: أليس قد ذم الله ø الشعراء، حيث يقول: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ ٢٢٤ أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ ٢٢٥ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ ٢٢٦