مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[شبهة من ميز بين الكفر والايمان]

صفحة 78 - الجزء 2

  فإن قلت: نعم، هذا هو العون) الذي عنه سألت، وهو الذي أريد.

  قلنا لك: فقد لزمك الكفر والخروج من الاسلام، بقولك: إن الله ø يصلي بعض صلاة الناس، ويصوم بعض صومهم، ويحج بعض حجهم، ويجاهد الأعداء دونهم، ويتزكي من ماله دونهم، إذا لم يدفعوا الزكاة إلى الأنبياء، وأئمة الهدى $، وكفاك بهذا جهلا وعمى وكفرا!

  وإن قلت: إنك لا تقول هذا لبيان فساده.

  قلنا لك: فأوجدنا عون الله ø للعباد على فرضهم الذي افترض عليهم اين هو؟ وما هو؟ وكيف هو؟ فلا تجد عونه للعباد غير ما ذكرنا، من تفضله عليهم، والدعاء إلى الاسلام، وما وهب لهم من الأسماع والأبصار، والألسنة والقوة، والأيدي والأرجل وجميع الجوارح، والصحة والعافية، والقدرة على أداء الفرض بالاستطاعة المركبة فيهم، فلا سبيل لك إلى وجود عون من الله ø للعباد على أداء الفرائض إلا طرحه، أو قيامه ببعضها دونهم، أو الرجوع إلى القول بالعدل كما قلنا، لا بد لك من ذلك، ولا خلاص لك منه، وسقط قولك: إنا سنُقطع في مسألتك هذه - زعمت - وفرَّحت نفسك وأصحابك بذلك، فدونك الآن، فخلص نفسك مما وقعت فيه، ولا خلاص لك من هذا الذي قلنا لك أبدا بوجه من جميع الوجوه، إلا التوبة والرجوع إلى القول بالعدل.

  وأما قولك: إنا فينا من يقول إن الإيمان لا يستطاع إلا بعون حادث، فلسنا نقول ذلك أيضا، ذلك قولك وقول أصحابك، إن الاستطاعة - زعمتم - مع الفعل تحدث بحدوثه، ولا نقول نحن بأمر حادث، بل فينا الاستطاعة موجودة قبل