[شبهة في قوله، {والله خلقكم وما تعملون 96}]
  فإن أبوا أن يعطوك هذا، فأعد عليهم المسألة فقل: كيف جعل الله إذا السرابيل التي تقي الحر، والتي تقي الباس؟
  أهو خلَقَ الخلق وصنعه ووصله، وهو الذي غزل وحاك وخاط الثياب؟
  فإنهم لن يعطوك هذا ولن يجدوا بدا أن يجعلوا صنع الله فيها خلق الله لأعمالهم، وجعل الله لأعمالهم هو صنعه.
  ثم سلهم عن قول الله سبحانه: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ}[الزخرف: ١٢]، كيف جعل الله الفلك؟
  فإن قالوا: خلق الشجر. فقل لهم عند ذلك: أليس إذا رأينا خشبة أو شجرة قلنا هذه فلك؟ فإن قالوا: نعم، فهذا ما لا يقبله أحد، ويعلم من سمعه أنه كذب، ولن يعطوك هذا.
  وإن قالوا: جعل الله لعمل العباد وصنعُ الله لعملهم، فهو قوله: {وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ}.
  فقل لهم حينئذ: هذا قولنا إنا نقول: إن جعل الله للفلك جعلُه لعملها، وكلها جعل الله، وجعلُه فهو خلقه، لأن الله جاعل ما خلق، وخالق ما جعل، وخلقه وجعله وصنعه للأشياء واحد، لم يصنع الله شيئا لم يخلقه، ولم يخلق الله شيئا لم يجعله.
  وإن ذهبوا يلوون ألسنتهم بشيء، فسلهم كيف جعل الله الفلك، أهو شق الخشب وصورها ونحتها؟!
  فإنهم لن يعطوك هذا ولن يجدوا جوابا، إلا أن يقولوا: جَعلُ الله لها، خلق العباد لها.