مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[شبهة في قوله، {والله خلقكم وما تعملون 96}]

صفحة 91 - الجزء 2

  الجواب قال أحمد بن يحيي ª: قد فهمنا ما سألت عنه من إضافتك إلى الله جل ثناؤه خلق السرابيل التي تقي الحر والبأس، وعمل الأكنان والسفن، وغير ذلك من أفعال العباد، التي أضفت فعلها إلى الله جل ثناؤه، وتريد بذلك أن تُلزمنا أنه عمل الزرادة والنجارة والخياطة والخرازة، لتثبت أنه الذي فعل الزنا والشرك والكفر، وجميع المعاصي، جل الله وتعالى عما قلت، قدوس قدوس رب العالمين!

  وأما قولك: إنه يلزمنا إذا أنكرنا عليك أن الله بريء مما أضفت إليه، أنه لم يجعل كنانة من الجبال التي عملها العباد، وكذلك السفن والدروع وغيرها، فكذلك نقول: إن العباد هم الذين حفروا بعض الكنان التي في الجبال، وعملوها بمعاولهم وأيديهم، وقوتهم المركبة فيهم، وإن الله ø لم يعملها ولم يحفرها بالمعاول، وإنما جعل الأكنان والكهوف التي هي في الجبال مخلوقة بلا معاول ولا كلفة، قال لها كوني فكانت من آخر ساعتها.

  فذلك فعله ø المخلوق في الجبال، والعباد إنما عملوا أكنانهم التي حفروها بعد الدهور الطويلة، والتعب والنصب وكذلك القصور، ولم يقولوا لها: كوني فكانت، وليس الله جل ثناؤه في فعلهم لها فعل غير ما أعطاهم من القوة التي اختاروا بها ما أرادوا، فهذا قولنا.

  والدليل على ذلك، قوله ø: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ}⁣[الروم: ٤١]، وقوله: {وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ ١٢٩ وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ ١٣٠}⁣[الشعراء].

  أفلا تراه كيف أضاف اتخاذ المصانع إليهم، وعاب عليهم اتخاذها لعلهم