[شبهة في قوله، {والله خلقكم وما تعملون 96}]
  الطاعات، والكف عن المحرمات، فعصي من عصى، فوجبت له النار، وأطاع من أطاع، فوجبت له الجنة، إذ ليس ثمّ جبر ولا إكراه، ولا خلق فعل. والله ø لم يخلق شيئا من جميع أفعالهم، ولو خلقها لكان شريكا لهم، وإذا كان لهم في شيء من أفعالهم، قل أو كثر، شريكا لم يكن إلها، ولزمه من الجور والظلم، والخروج من الحكمة والعدل، في عذاب من خلق فعله، ما يلزم الجائرين.
  ودليل ذلك أنا نقول لك: هل يعذب الله ø داود # في عمل الدروع التي قلت، أو يعيب ذلك عليه؟! وهل سمعته قال: لِمَ فعلت ولم عملت الدروع؟! وإنما أخبر أنه علّمه صنعة الدروع، ولم يخبرنا أنه هو الذي خلق الدروع.
  وكذلك آدم صلى الله عليه لم يعذبه الله ø في حوك الثياب، ولا الحرث، ولا فيما عمل من الصناعات.
  ولا قال لنوح صلى الله عليه قول تعنيف في عمل السفينة، ولا عذبه على عملها، ولا سمعته في شيء من كتابه قال لمؤمن ولا لكافر: لِمَ عملتم الدروع؟ ولم عملتم الأكنان في الجبال؟ ولم عملتم الآلات؟ إلا أن يعملوها لباطل أو معصية لله جل ثناؤه، فهناك يقع التعنيف ويجب العذاب.
  وإنما قال لهم ø: لم كذبتم رسلي، وأعرضتم عن كتبي، وألحدتم في صفتي، وشبهتموني بالجائرين؟! وقتلتم أنبيائي والأئمة من خلفائي، والمؤمنين من أصفيائي؟ ولم كفرتم بي وعبدتم غيري؟ وخالفتم أمري ونهيي؟!
  فهذا يوجب أن ليس لأجل خلقه لما خلق يعذب عباده، إنه يعذبهم لما خلقوه هم، وأتوه عامدين بأهوائهم وإرادتهم وحركاتهم. فهذا جوابنا لك على دعواك في خلق الكفر، الذي زعمت أن الله ø خلقه وأراده.