مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[شبهة هل كلف الله العباد أن يعلموا أنهم مخلوقون]

صفحة 132 - الجزء 2

[شبهة هل كلف الله العباد أن يعلموا أنهم مخلوقون]

  ثم قال عبد الله بن يزيد البغدادي: ثم سلهم هل كلفكم الله تعالى أن تعلموا أنكم مخلوقون، وتعلموا أن الله خلقكم، ونهاكم أن تروا أنكم خالقون، أو تروا أن الله مخلوق؟

  فإن قالوا: نعم.

  فقل: أفليس تقدرون وتستطيعون أن تروا أنكم خلقتم السماوات والأرضين وما فيهن، وتقدرون وتستطيعون أن تروا أن ربكم دابة من الدواب، وأنه مخلوق؟

  فإن قالوا: نعم، فقد أعطوك أنهم يقدرون على ذلك، فيما تريد بعد ذلك، وأي فرية أعظم من هذه الفرية، ومن أن يقول عبد: إني أقدر وأستطيع أن أرى أني خلقت كل شيء، حتى يكون {ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ}⁣[النجم: ٣٠]، وأرى أن خالقي ø دابة أو شجرة، وأني خلقته وصنعته؟!

  الجواب قال أحمد بن يحيي ª: جل الله وعز وتقدس عما قلت، وإليه من الفرية أضفت، فقد فهمنا ما ذكرت وقلت، ولسنا نقول ما قلت من القول الشنيع، فاسمع جواب مسألتك هذه، واصغ إليها، فإنك قد أهلكت تبّاعك، وأفسدت عليهم دينهم، فلا يبعد الله إلا من ظلم. ونحن نقول فيها: إن الخلق كلهم يقدرون ويستطيعون أن يقولوا في الله ø من القول القبيح، والصفة الفاحشة الشنيعة ما ذكرت، لأن ذلك يمكنهم ويستطيعونه كما استطعتموه، من إلزامكم له شرك المشركين، وكفر الكافرين، وخلق زنا الزناة، وسرقة السارق، وغير ذلك من جميع المعاصي، فالخلق يقدرون على أن يقولوه قولا بألسنتهم