مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[شبهة هل كلف الله العباد أن يعلموا أنهم مخلوقون]

صفحة 133 - الجزء 2

  وأهوائهم، إن أحبوا ذلك لم يحل بينه وبينهم حائل، لما كان الأمر من الله سبحانه تخييرا لا جبرا. فافهم هذا القول.

  فأما أن يقدروا ويستطيعوا أن يروا في أنفسهم بالحقيقة أنهم خلقوا السيارات والأرضين، وأنهم خلقوا الأشياء التي ذكرت، وأن صانعهم دابة أو شجرة - زعمت - فهذا ما لا يجوز، ولا تقبله العقول، لأن عقولهم المركبة فيهم لا تدلهم أبدا على أن يدّعوا فعل ما لم يفعلوا، إذا تركوا المكابرة، لأنه صحيح في عقولهم وعند أنفسهم بالحقيقة أنهم لم يفعلوا إلا ما فعلوا، فافهم هذا الباب.

  ولكنهم يقدرون أن يقولوا: إنهم خلقوا السماوات والأرضين قولا بألسنتهم، وهم يعلمون عند الصدق لعقولهم أنهم قد كذبوا وقالوا الباطل، للحقيقة المتقررة في أنفسهم أنهم يعجزون عن جميع ما ذكرت، فليس أحد يرى في نفسه إذا صدَقها أنه فعل أمرا لم يفعله.

  فأما القول باللسان فهو يمكنهم، كما أمكنك أن قلت على الله ø الفرية والكذب، واحتججت على أهل العدل بخلاف ما في كتابه.

  وأما خلق الإفك، فذلك جائز أن يفعله أهل الإفك ويخلقوه، وخلقهم له هو فعلهم، وذلك جائز في لغة العرب أن يسموا صنعهم: خلقا، وكل صانع لشيء فهو خالق له، ولذلك لم يجز على الله ø خلق غيره ولا صنع غيره. وقال الكميت بن زيد:

  أرادوا أن تُبدل خالقات ... أديمَهُم يقسن ويفترينا