مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[هل دعا النبي الناس إلى شيء يعرفونه جميعا]

صفحة 92 - الجزء 1

  جل ثناؤه، ثم خلدهم في نار جهنم، الأبد الأبيد، إن هذا لهو أعظم الجور الذي وصفت به ربك، ø عن ذلك، العدل الذي لا يجور، فهذا ما جهلتَه وأخطأت فيه.

  وقلت: إن أهل العدل لا يقدرون لك على جواب، على أنّا نقول: اين كنتَ عن قوله ø يخبر نبيه صلى الله عليه عن المشركين، حيث قال له: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}⁣[الزخرف: ٨٧]، وقالوا في الأصنام: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى}⁣[الزمر: ٣]، وقوله ø: {وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ}⁣[البقرة: ١٤٤]، وقوله: {وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ}⁣[المجادلة: ٨]، وقوله: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا}⁣[النمل: ٢٤]، وقوله: {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ ٣٨}⁣[العنكبوت]، وقوله ø يخبر عنهم: {وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ}⁣[البقرة: ٨٨]، {بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ}⁣[النساء: ١٥٥]، أي: سماهم وحكم عليها بالطبع، لا أنه جبرها على ذلك، فتلزمه دعواك، مثل قوله: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ}⁣[الصف: ٥]، أي: سماها زائغةً بفعلهم، ومثل هذا كثير في القرآن.

  وأما قولك: هل عُرّف بعضَهم ولم يعرف بعض؟

  قال أحمد بن يحيى ª: وهل اختص الله أحداً دون أحد بدينه، فهذا قول فاسد، والقول الصحيح: أن الله ø بعث رسوله ~ وعلى آله سلم إلى الخلق كافة، ولم يختص أحدة دون أحد، ولم يؤثر أحداً على أحد، إلا الرسل صلى الله عليهم، فقد اصطفاهم لما علم منهم أنهم لا يختارون معصيته أبداً، وقد فضّل بعضهم على بعض بما اكتسبوا، لا أنه جار عليهم ولا حابي ولا