الرد على الأباضية
  
  والحمد لله وحده، وصلواته على محمد وآله.
  قال الإمام الناصر لدين الله #: فهمنا ما ذكرت يا أبا محمد - أكرمك الله - مما ذكر لك الأباضية في شأن مسائلهم التي سألوك وساءلتنا أنت - أعانك الله - أن نجيبهم عليها، وزدت أيضا فيها شرحا لم يدخل في سؤالهم، فقويت ذلك ليتسع لك الجواب، وتستفيد ما يصل بك من جوابنا في ذلك إن شاء الله، وذكرت أن الأباضية طلبوا أن يكون الاحتجاج والدليل في جواب مسائلهم من اللغة العربية، ومن أشعار العرب الأوائل الجياد المعروفة المستشهدة لا من غير ذلك، وزعمت أنهم أرادوا بذلك امتحان أهل الحق، ولأن يعرفوا ويخبروا ما عندنا من المعرفة بلغة العرب وأشعارهم، وتعنتوك في ذلك على ما ذكرت، ولم يحبوا زعموا أن يكون جوابنا من استشهاد القرآن، بعضه على بعض، وأنهم مكتفون بما عندهم من أسلافهم ومشايخهم، وأنهم لو أرادوا ما أعجزهم، وإنما أرادوا مخارج الجوابات ودلائلها من اللغة العربية وأشعار العرب المتقدمة، ولأنه قد بلغهم في الروايات أن عبد الله بن العباس رحمة الله عليه قال: إذا أشكل عليكم شيء من القرآن فاطلبوه في أشعار العرب، واحتجوا في طلبهم التفسير باللغة بقول الله ø: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ١٩٥}[الشعراء: ١٩٥]، وقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ}[إبراهيم: ٤]. وبقوله سبحانه: وقالوا {إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ ١٠٣}[النحل: ١٠٣]، ونحن نريد أن نستفيده من حيث ذكره الله سبحانه، ولا نريد الجواب فيه إلا من اللغة والشعر القديم العربي.
  واعلم يا أبا محمد - حاطك الله - أن هؤلاء القوم إنما أرادوا تعنيتنا، وأن يدروا