الرد على الأباضية
  ما عندنا من المعرفة باللغة، والذي نذهب إليه ونحبه في التفسير في أن تكون الحجة منا في التفسير بشواهد من كتاب الله ø على كتاب الله، ولا بد مع ذلك من الاستشهاد للغة والشعر، ونحن - بحول الله وقوته - نجيك في ذلك بجواب ما سألوا من اللغة والشعر، نتوخى فيه صوابا، ونرجو من الله سدادا، ولا بد لنا أن ندخل في ذلك من شواهد الكتاب ما لا ربد منه، ولا يستغني عنه مما يبين الله سبحانه به الحق ويزهق به الباطل، وترغم به أنف المخالفين بحوله وقوته، وإن كنت في وقتي هذا من الغم والهم بفراق الإمام ~ فيما أقل منه أذهل العقل وشغل القلب، غير أني أرجو من الله سبحانه العون والتسديد لما يحبه من الرشاد، وإرغام الظالمين من أهل العناد، والتمادي في الباطل والفساد، وقد أجبناك - أتم الله نعمك - في كل ما سألوا عنه من اللغة والشعر، فافهمه وقف عليه، ثم أنفذه إليهم بحول الله وقوته.
  
  ١ - سالت - أكرمك الله - عن قول الله سبحانه: {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا ٧٩}[الكهف: ٧٩]. وقلت: فما عليهم والملك قد صار وراءهم ونجوا منه، وإنما كان الخوف يقع عليهم لو كان الملك قدامهم؟!
  قال أحمد بن يحيى @: هذا من أضداد الكلام الجائز في لغة العرب، وذلك أن العرب تسمي القدام: وراء، ومن ذلك قول الله ø: {وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ ١٧}[إبراهيم: ١٧]. يقول بين يديه، ولو كان العذاب وراءهم كما ظننت لكانوا قد سلموا منه، والعرب تكلم بهذا وتكثر، قال لبيد بن ربيعة الكلابي: