مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

الرد على الأباضية

صفحة 218 - الجزء 2

  لم ينبغ للعبد إذا أطاع الله ø وأحسن العمل أن يفرح، ولا إذا عصا أن يحزن، ولكان ذلك منه خطا وعصيان لله أن يفرح بما أوتي من خير في دينه، وأن يحزن على ما ضَيَّع وفَاتَه من دينه، لأن الله في قولهم قد نهى عن ذلك، وإذن لانتقض قوله، واختلف كتابه، وقد قال: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ٨٢}⁣[النساء: ٨٢]. ولخالفت هذه الآية التي ذكرتم هذه الآية التي أنا ذاكرها، حيث يقول تبارك وتعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ٥٨}⁣[يونس: ٥٨]. وقال ø: {فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ٨٢}⁣[التوبة: ٨٢]. وليس وجه هذه الآية التي ذكرت على ما وضعوه عليه هم، إنها عني الله ø في هذه الآية المصيبات التي يصيب بها عباده في الأنفس والأولاد والأموال والثمرات، وما سخر لهم من الأشياء التي سخرها لهم به اعمالهم قبل نزول المصيبة لهم أن سوف يبتليهم، وعلَّمهم كيف يقولون عند المصيبة إذا نزلت بهم، وما لهم فيها من الأجر إذا صبروا وقالوا القول الذي علمهم، وقال: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ١٥٥ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ١٥٦ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ١٥٧}⁣[البقرة: ١٥٥ - ١٥٧]. يقول سبحانه: إنما علَّمناكم ما تقولون وبيَّنا لكم في ذلك من الأجر والثواب، لكيلا تأسوا عند البلاء على ما فاتكم ولا عند المصيبة تجزعوا، تسليما لأمر الله تبارك وتعالى، ولو كان الأمر على ما توهموا ما كان ينبغي لمن صلى وصام وحج وجاهد وفعل الخيرات يفرح، ولا لمن زنا وسرق وشرب الخمر وقتل النفس الحرام وعصى الله ø أن يحزن على معصيته، ولكن الناس تركوا الحق وأهله واتبعوا أهواءهم، وقلدوا أمر