تفسير سورة بني إسرائيل
  {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ}. أمرا لا جبراً، وتخييراً لا قسراً، فلمن أطاع الجنة، ولمن عصى النار.
  {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ٢٣}، هذه وصية من الله سبحانه في الوالدين، أن لا يُقطعا ولا يُجفا بهما، وأن يُحسن إليهما جزاء بها أحسنا، وأن يُحفظا كما حفظا، ويُكرَما كما أكرما، ويُربيا كما رَبيا، رحمة منه ø وتأديبا لخلقه، وتنبيهاً على الصواب، ليجزيهم على ذلك الجنة، ويوجب هم الكرامة، {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا}. والأُف: هو التأفف في لغة العرب المعروفة، وهو التأذي والاستثقال.
  قال الشاعر:
  حللنا بكم حتى إذا طال مكثنا ... بدالي تأذي منكم وتأفف
  وطال ثوانا عندكم فمللتم ... وإنا يقيناً فاعلموا سنخفف
  {وَلَا تَنْهَرْهُمَا}. فالانتهار هو: الصياح بالغضب والكلام الغليظ.
  قال الشاعر:
  بدالي من أبي زيد شفار ... في رسائله انتهار
  والقول الكريم الذي أمر الله به ø فهو: الليِّن الجميل الحسن من القول، كما قال لموسى وهارون @، {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ٤٣ فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا}[طه: ٤٣ - ٤٤]، أراد بذلك استعطافه إلى الحق، والرجوع إلى التوبة،