تفسير سورة بني إسرائيل
  الدنيا ما أراد، ثم يُصيِّره إلى جهنم يصلاها مذموما مدحوراً. والمذموم فهو: القبيح الفعل، والمدحور فهو في لغة أهل النجد: الملعون، ويقولون للرجل إذا غضبوا عليه: دحر الله فلانا، أي: لعنه الله.
  قال الشاعر:
  إن عوف بن عامر رَامَ ظلمي ... ولَّما زال فاجراً مدحوراً
  وهو أيضا في اللغة: المبعد.
  {وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا}. يعني: الجنة، والسعي لها الأداء لجميع الفرائض، والاجتناب لجميع المحارم، فهذا السعي لها. {وَهُوَ مُؤْمِنٌ}. أي: مؤمن بالله، قائم بفرائضه، مؤدي لما أمر به من طاعته. {فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا ١٩ كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا ٢٠}. فالله ø إنما يعطي المشركين ومن يعصيه من زخرف الدنيا وغضارتها، ما يكون له به عليهم الحجة، ويعطي المؤمنين الفضل فيما أنعم به عليهم من الهداية والدين، واتباع المرسلين.
  ثم قال ø: {وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا ٢١} لأن درجات المؤمنين في الآخرة ما لا يبلغه وَهْمُ متوهِّم، ولا يصفه لسان متكلم، لجليل خطره، وعظيم شأنه، وشرف قدره، وكذلك ما يحل بأعداء الله ø، أهل النار من النكال العظيم، وظل اليحموم، وأكل الزقوم، وشراب الحميم.
  {لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا ٢٢}. فأمره الله جل ثناؤه، ومن اتبعه أن لا يجعلوا معه إلها، ولا يشركوا بعبادته أحداً، وأن من فعل ذلك فقد استوجب الذم والخذلان في الدنيا والآخرة.