مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

تفسير سورة النور للحسن بن أحمد بن يحيى الهادي

صفحة 284 - الجزء 2

  {وَالزَّانِي} فهو: خِدنها، والفاعل كفعلها، وهذه الآية التي في جلد الزاني، محكمة غير منسوخة.

  قوله: {وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ}. يقول: لا تأخذكم بها رحمة في أمر الله، وفيما حث على إقامته عليهما.

  قوله: {إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}. يقول: إن كنتم تصدقون.

  {بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}. يريد: يوم البعث والحساب، وما أعد فيه من الثواب الدائم، والعقاب اللازم.

  اسمع أيها الطاعن في آيات الله، والمضيف المنكرات إلى الله، كيف نهي وأمر وحذر وزجر، وأعذر وأنذر، ولم يأخذ أحداً بغير ما عمل واجترح، ولا بسوءِ ما قدم وكدح، إذ كان لا يسمى الزاني: زانيا حيث يوجد في الأرض، حتى يأتي من الفع، ما يغير به مرسوم الفرض، وكم من آية تشهد مبرهنة للدليل، وموضحة للتنزيل، على أن الله لم يظلم ولم يغشم، ولم يُعِن عاصيا فيما ارتكب، وإنه لا يحمل على فعل ثم يعذب عليه، ولا على أمر ثم يؤاخذ فيه، تنزه الله وتقدس وعلا عما ينسب إليه المبطلون.

  قوله: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ٢}، يقول: ليشهدوا إقامة العذاب عليها، والعذاب هاهنا فهو الحد، والطائفة فهي: الجماعة الملمة بالموضع، المقيمة على المكان الواحد.

  وقد قيل: إن أقل الطائفة في هذا الموضع ستة وأكثر، على قدر إمكان الجماعة.

  قوله: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً}. يقول: لا يطاوعه على الزنا إلا زانية أو مشركة، تفعل مثل فعله، وتستخف بالحكم مثل استخفافه، وكان أهل الشرك على غير ديانة ثابتة، ولا طريقة مستقيمة، ولا حفظ كتاب ولا سنة.