تفسير سورة النور للحسن بن أحمد بن يحيى الهادي
  قوله: {وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ}. يقول: لا يطاوعها على الزنا إلا زان أو مشرك، كمثل حالها في الفسق والكفر والشرك.
  وقد يقال: إن هذا أنزل في نوم استأذنوا النبي ÷، ينكحون نساء مشهورات بالفجور، من الإماء ومن اليهود.
  وكان هؤلاء من أصحاب الفقر، فهم فقراء، فنهاهم الله فانتهوا، وإنما أرادو ان يتبلَّغوا بأموالهن، وظنوا أن ذلك يحل، فمنعهم الله عنه فامتنعوا.
  قوله: {وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ٣} فمعني {مُحَرَّمٌ}: حظر، ولم يُطلَق لهم فعله.
  وقوله: {عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ٣}، فإنما هو من الكلام الذي يخرج مخرج الخصوص في اللفظ، ويجري مجرى العموم في الحكم، ولو كان هذا لم يحرم إلا على المؤمنين، لكان قد أطلق للكافرين، ومحال أن يحرم الله على متعبدين أمرا في ساعة واحدة، ويحله في ساعة واحدة، ولكنه ما مدح به المؤمنين، وهو محرم على جميع من خصه الأمر والنهي من البالغين، بقوله: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ٣٢}[الإسراء: ٣٢].
  وقوله: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ}، و {الْمُحْصَنَاتِ}: العفائف المؤمنات، والمحصنات أيضا: ذوات الأزواج.
  قوله: {ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} على قذفهم، ومعنى {يَرْمُونَ} هو: يقذفون.
  قال الشاعر:
  رموني بحد ثم زكوا شهادتي ... وكيف يرد الدر في الضرع حالبه