مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

تفسير سورة النور للحسن بن أحمد بن يحيى الهادي

صفحة 287 - الجزء 2

  إلا أبيه، وعصبته عصبة أمه، يرثهم ويرثونه على مجرى السهام.

  فإن كان اللعان وقد دخل بها، فعليه المهر كاملا، وإن لم يكن دخل بها فلها نصف المهر، وإن قذف هذه الملاعنة قاذف، ولم يأت على قوله بأربعة شهداء جُلد بها الجد، وكذلك إن عاد الزوج بعد الملاعنة والفرقة لها بالقذف جلد لها، والملاعنة فقد تقع بحمل وبغير حمل.

  وقوله: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ ١٠}. يقول: تاب عليكم فستركم بها أظهر من براءة هذا الصادق، والمخرج الذي جعله له، وأجراه حكما فيمن قال كقوله.

  {حَكِيمٌ ١٠}. يقول: ليس في تدبيره تفاوت ولا فساد، وفضل الله فلا يحصى ولا يُوقف له على حد، غير أن من فضله في هذا الموضع ما أزاح من الحدود الواجبة بالأيمان، وأظهر من الحكم بالدعوى مع اليمين، إذا علمت البينات، ووقعت الشبهات.

  قوله: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ}. فالإفك: الكذب والبهتان، والزور من الشهادة والعدوان، في قذف الرجال والنسوان، وفي غير ذلك من المعاني.

  {عُصْبَةٌ}، والعصبة الجماعة من العشرة، فما قاربها وزاد عليها. وسميت العصبة باجتماع بعضها إلى بعض، وكانت هذه العصبة من المهاجرين والأنصار.

  قوله: {لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}، يقول: لا تعدوا هذا القذف شرا لكم، بل هو خير لكم، لما في عاقبته من البيان والحكم، والرحمة والعلم، وما يتلى في البراءة منه من القرآن، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فبرأ الله زوج رسول الله ÷، وأظهر طهارتها من قذف القاذفين، وعيب المرجفين، وبهتان المعتدين، فتاب من كان صاحب شك، وازداد هلاكا