مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

تفسير سورة النور للحسن بن أحمد بن يحيى الهادي

صفحة 286 - الجزء 2

  {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ٤ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ٥}. يقول: إذا تابوا وأصلحوا، وندموا على بهتانهم، وما كان من خطاياهم، كفَّر ذنوبهم وعطف عليهم برحمته، يقول: فاقبلوا شهادتهم، وقد زعم قوم أن الشهادة لا تقبل أبدأ، وإذا زاحت الشهادة للجرحة البيئة والكذب الواضح، وجب القبول للتوبة والصدق الصحيح.

  وقد يروى أنه قيل: «توشكون أن تعرفوا خياركم شراركم، بالثناء القبيح، من الثناء الحسن».

  قوله: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ}، يقول: يقذفون أزواجهم بالزنا.

  يقال: «إن هذه الآية نزلت في عاصم بن عدي وامرأته، يقال: أنه وجد شريك بن عبده عليها، وكان ضيفه، فقص على رسول الله ÷ القصة. فقال النبي ÷: بيتك وإلا فالجلد. فقال: رأت عيناي وسمعت أُذناي، ما كان الله ليجلد ظهري. فقال الأنصار: يجلد العشية، فدعاه رسول الله ÷ فقال: أبشر قد أنزل الله فيك وفي صاحبتك، ثم تلا عليه: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ} ...» إلى آخر القصة، ثم لاعن رسول الله ÷ بينهما، بعد أن ردده على شهادته، ورددها على شهادتها.

  ولو نكل عن شهادته وقوله لَحَّده في قذفه، ولم يكن عليها حد، ولو نكلت عن شهادتها لَحَدَّها ولم يكن عليه حد، وهذه الملاعنة لا تكون إلا بين يدي الحاكم، لأنها فرقة لا يرجعان بعدها، والولد إن كان ولدٌ، ولدُ الملاعنة ينسب إلا أمه، ولا بنسب