[تفاوت معارف الخلق]
  فإن قلتم: إن الله ø أراد من الفريقين جميعاً هذا الفعل الذي فعلاه.
  فإذا قلتم: نعم، قد أراد الله ذلك.
  قلنا لكم: فأيها الصواب، وأيها الخطأ؟
  فإن قلتم: الصواب مع من تخلف عن الدخول مع أمير المؤمنين #، والخطأ مع من رجع إليه ودخل معه الكوفة.
  قلنا لكم: فلِمَ سمّيتم بعض فعلهم خطأ، وبعضه صوابا، واللهُ ø هو الذي قضى ذلك - زعمتم - كله على الفريقين، وخلقه من فعلهم، وأراده منهم، وقدّره عليهم، فيلزمكم حينئيذٍ في قولكم أن بعض فعل الله ø وخلقه وإرادته وتقديره خطأ، وأن بعضه صواب، لا بد لكم من إثبات ذلك، إذ أصلُ هذه المسألة إنما وضعتموه إثباتاً للجبر، ونفياً للعدل، وأن أفعال العباد كلها مقدرة مخلوقة، وأن الله - ø عا قلتم - هو الذي خلق أفعالهم وأرادها وقدّرها، وصير بعضهم مؤمناً وبعضهم كافراً، كما زعمتَ في كتابك الذي هذا جوابه، فما مخرجك من هذا الجواب الذي أجبناك به في هذا الموضع، من رجوع بعض أصحابك إلى علي بن أبي طالب #، وتخلّف بعضهم عنه، فيلزمكم على قَوَد قولكم أنه لا لوم على أحد من الفريقين، لأن كليهما على قولكم كذا أراد الله منهما وخلق، وقدّر وقضي وشاء، والله ø لا يظلم ولا يؤاخذ الناس بفعله، فلا بد لكم أن تقولوا إن كلهم مخطئون، أو كلهم مصيبون، أو بعضهم مخطئ، وبعضهم مصيب.
  فإن قلتم: إن كلهم مخطئ، كفرتم وكفّرتم من حاربكم.
  وإن قلتم: إن كلهم مصيب، لزمكم أنكم مصيبون في حرب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب #، وأنه مصيب في حربكم. وهذا قول المجانين، ومن ليس مثله بخاطَب لجهله وقلة علمه.