[تفاوت معارف الخلق]
  وإن قلتم: إن بعضهم مصيب، وبعضهم مخطئ، وإن ذلك الفعل كله من الفريقين، إنما الله الذي خلقه وقدّره واراده في قولكم، لزمكم أن بعض خلق الله سبحانه وتقديره ومشيئته وإرادته خطأ وبعضه صواب، وهذه المسألة وحدها تقطع جميع ما قلتم من الجبر في كتابكم كله، وتوجب القول بالعدل والرجوع إلى الحق، وهي تُجزينا وحدها لقطعها لكل مجبر على وجه الأرض، لأنه ما لزم في حجة واحدة من حجج الله جل ثناؤه، لزم في التي تقاس عليها مثلُه، وفي هذا كفاية لمن عقل.
  ونحن نثق أن كل من سمع هذا الجواب يشهد عليكم بالغلبة والانقطاع، وأنه لا مخرج من هذه المسائل لأحد من جميع أهل الجبر والفرية على الله جل ثناؤه، فايّنا الآن الذي دينه دين شيطان كا ذكرت، ومن المشرك الذي وصفتَ في كتابك أنه حلال، ماله ودمه و سبيه وقتله، في السر والعلانية، وحرام ذبائحه ومناكحته، لأنهم - زعمتَ - ليسوا بأهل كتاب ولا مقرين بجزية، وإنما هم حرب.
  فإن قلنا لك: - زعمت - نعم، أخذتنا بمسائل الصّفرية، ومن سمّي من مُحْدِثي أهل القبلة بالشرك.
  ونحن نقول لك: أوليس قد احتججت في كتابك الذي كتب بعض أصحابك إلى إخوانهم، پنهونهم عن الدخول مع الشيعة، ويقولون: إن دينهم كان دين الصفرية قديماً، دين زعموا اختاره الله سبحانه لهم، واختصهم به دون غيرهم. ثم جاءهم بعد ذلك الدينُ الصحيح، الذي اختاره الله سبحانه لهم، واختصهم به أيضا، كما زعموا في زمان عبد الرحيم بن خليل، وعبد الكريم بن نعيم، فتركوا الصفرية وأخذوا الدين الآخر، الذي خصّهم الله به دون غيرهم، زعموا في كتابهم