[مقدمة المؤلف]
  فأمر تبارك وتعالى تخييراً، ونهي تحذيراً، فلم يُطَعْ كرها، ولم يُعْصَ مغلوباً، {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ ٤٢}[الأنفال: ٤٢]، فجاءت الرسل À بالإعذار والإندار، والترغيب في الجنة والتحذير من النار، إذ لم يقدّر الحكيم الخبير ذنوبهم، ولم يصْدد مُنيبهم، ولم يُدخلهم في معصيته، ولم يُخرجهم عن طاعته، ولم يخلق من أفعالهم فعلاً حسناً ولا قبيحاً، ولم يُحْل بينهم وبين الهدى، ولم يحملهم على كفر ولا ردي.
  عزّ عن ذلك العلي الأعلى، والعدل الحكم الكاره للخطايا، والمجازي بالحُسني، والمعاقب على الأسوأ، الصادق وعدُه، والمنجز لوعيده، الذي لا يبطل كتبه، ولا يكذب رسله، ولا يستحيل أمره، ولا يُخلَف قوله، ولا يناقض كتابه، ولا تُغيَّر حقائقه، ولا يبدل حكمه، وهو القوي العزيز.
  وصلى الله على الأعظم قدراً، والأجلّ خطراً، والأرفع ذكراً، والأحمد أثراً، والأبيَن فضلاً، والأشرف أصلاً، والأوضح عداً، والأصدق قولاً، والأوسع كرماً، والأنزه نفساً، والأنصح للأمة نصحاً، والأطيب ذرية، والأعلى ذروة، والأبرع حلماً، والأوف ذماماً، الرسول المصطفى، والنجيب المرتضي، محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، ~ وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين الأخيار.
  الأمين على الوحي، والمبلغ للنذارة، والمرشد للبرية، الذي لم يدعُ أحداً من الخليقة - ولا غيره من المرسلين $ - إلى جبر ولا تشبيه، ولا إلحاد ولا تلبيس، ولا خروج من عدل، ولا ميل عن حق، الذي نُزّل عليه الكتاب المبين، بالحق اليقين، الذي ليس فيه آية يُتعلق بها على الله جل ثناؤه في ظلم، ولا تخرج من عادلِ حُكمٍ، ولا تشهد لمجبر، ولا تشكك مستبصرا. بل العدل في كله شاهد