مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[سلسلة من شبه البغدادي]

صفحة 117 - الجزء 1

  وأشباه هذا، فإنهم سيتركون ما لجأوا إليه وظنّوا أن لهم فيه راحةً، ويصير أمرهم إلى أن يجيبوك بشيء وتنقض حجتهم.

  وإن لجأوا إلى أن يقولوا: إن الاستطاعة والتكليف والفعل إنها تقع في حال واحدة.

  فقل: أفليس الذي عَلِمَ اللهُ أنه واقع مع تلك الاستطاعة والتكليف والفعل لا يستطيعون في تلك الحال أن يكون ثمَّ فعل غيره، لأنه لا يستطيع أن يكون ثم استطاعةٌ غير تلك، ومع تلك الاستطاعة أيضاً فعلٌ ليست استطاعة قبله.

  فإن قالوا: نعم، فقد أمكنوك من حاجتك، ودخلوا فيما عابوا عليك من العدل.

  ثم سلهم هل شيء إلا في حال كان أو لم يكن؟

  فإن قالوا: لا يكون شيء إلا في حالٍ كان إلا ما كان في حال لم يكن، فإذا أثبتَّ عليهم هذا، فسلهم عن الحال التي نهاهم الله فيها، هل كان في حال النهي شيء؟!.

  فإن قالوا: لا.

  فقل: فأخبروني في الحال التي كان فيها الفعل ثم نهي عن ذلك الفعل؟

  فإن قالوا: نعم.

  فقل: أفليس كل شيء نهى الله عنه فهو في حال فعله، وكونه منهيا عنه بعد كونه، فكل ما نهي عنه في حال فعله، فقد يستطيع ترك ما فعل وكان، حتى لا يكون ما كان؟

  فإن قالوا: نعم.

  فقل: فأروني شيئاً واحداً تستطيعون ردَّه بعد ما كان، حتى لا يكون كان قط، فإنهم لن يقدروا في هذا على جواب، لأن الناس لا يستطيعون ردّ ما كان حتى لا يكون ما كان، فأحسن النظر.