مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[سلسلة من شبه البغدادي]

صفحة 116 - الجزء 1

  فقل: أليس من كان كافراً فلا يستطيع الإيمان في تلك الحال وهو مكلف له، ومن كان مؤمنا فلا يستطيع الكفر في حال الإيمان، وهو منهيّ عن الكفر؟

  فإن قالوا: نعم، فقد دخلوا في قولك وتركوا كلامهم، ولن يجدوا بدَّا من أن يجيبوك بأحد هذين الوجهين:

  إما أن يكونوا يستطيعونه في حال واحدة، فيكونون إن شاؤوا مشركين بالله لا يعرفونه، مؤمنين بالله يعرفونه في حال واحدة، يعرفون الله وينكرونه.

  وإما أن يكونوا لا يستطيعون الإيمان في حال الكفر، ولا الكفر في حال الإيمان؟!

  فإن قالوا بهذا، دخلوا في كلامك وتركوا كلامهم.

  وإن قالوا بالوجه الآخر إنهم قد يستطيعون أن يكونوا مشركين بالله ø ينكرونه، مؤمنين بالله سبحانه يعرفونه، ولن يعطوك هذا أيضا، لأن هذا محال من الكلام، ولا يسمعه أحد إلا كذّب به وأنكره، وبحسبك أن يقول رجل بهذا.

  وإن قالوا: إنما الكلام إنما ينبغي أن يكون هذا، لا يستطاع الإيمان إلا في حال الكفر، ولا الكفر إلا في حال الإيمان، لأنه من كان مؤمناً لم تُحسن أن يقال: هو يستطيع الإيمان، لأنه قد فعله، وما فعله فقد فعله، ولا يُحسن أن يقال: إنه يستطيع ما قد فعل، وإنما يجوز أن يقال: إنه قد يستطيع أن يفعل الشيء في حال الشيء الآخر، لأنه لا يستقيم الكلام إلا هكذا.

  فقل: نعم، قد فهمتُ الذي تقولون، أليس قد يستطيعونه في حال كفرهم، فيستطيعون الإيمان في حال كفرهم، والكفر في حال إيمانهم.

  فقل: أفليس قد يستطيعونها في حال واحدة، الحال التي هو فيها كافر يستطيع مع ذلك الكفر في حالة إيمانا، ومع القعود في حالة قياماً، ومع الليل في حالة نهاراً،