مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[تفنيد شبه البغدادي]

صفحة 119 - الجزء 1

  وأما قولك يا عبد الله بن يزيد البغدادي: إنا إن قلنا إن ذلك إنما يقع جميعا، وإنه لا يقع بعضه دون بعض، لم تقع الاستطاعة قبل الفعل، ولا الفعل قبل الاستطاعة.

  ولعمر الله لو قلنا ذلك للزمنا ما قلتَ، ولكنا نقول: إن الاستطاعة قبل الفعل، لا معه، وقد كرّرتَ من القول في الاستطاعة ما قد فهمناه، وقد أجبناك على قولك في الاستطاعة بها أزحنا به حجتك كلها بالصحة الصحيحة، أن الاستطاعة مركبة في العباد قبل أفعالهم، ولولا ذلك لكانت لهم الحجة على الله ø أنه كلّفهم ما لم يعطهم عليه قوة، ولم يجعل لهم سبيلا إلى اخذه، وهذا فعال الجائر المتعبث، وذلك عن الله جل وعز منفيّ، لعدله وصدق قوله، إنه لا يظلم ولا يجور، ولا يريد الفساد، ولا يخلقه ولا يقدّره، جل عن ذلك وتعالى علوا ًكبيراً!

  ومن الحجة لنا عليك أن نسألك إذا وقف الكفار بين يدي الله ø يوم القيامة فقال لهم: لِمَ قتلتم أنبيائي ورُسُلي؟!

  قالوا: قتلناهم بالحق.

  فإن قال لهم: وأي حق في قتل الأنبياء؟

  قالوا: لأنك قضيتَ ذلك علينا، ولولا ما قضيت وقدّرت وشئت وخلقت من فعلنا، ما كذّبنا رسلك ولا قتلناهم.

  فإن قال لهم ø: وما حجتكم أني قضيتُ ذلك عليكم، وهل ما فعلتم حقٌ، {هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ١١١}⁣[البقرة: ١١١، النمل: ١٤].