مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[تفنيد شبه البغدادي]

صفحة 120 - الجزء 1

  قالوا: لا حجة لنا ولا برهان أقوى ولا اوضح من قولك في كتابك أنك تقضي الحق، وأنك خير الفاصلين، وكل قضائك فحسن جميل، وكل ما في الأرض فأنت قضيته وقدّرته، وقولنا: أنك ثالث ثلاثة، وأن لك الشركاءَ والأنداد فهو قضاؤك، وأنت تقضي بالحق كا قلتَ، ثم قلتَ في كتابك: {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ}⁣[المائدة: ١١٩]. والواجب لمن صدق عليك أن تخلده في الجنة.

  فلا بُد لك يا عبد الله بن يزيد البغدادي ولإخوانك المجبرة من أن تقولوا إن الكفار قد صدقوا في قولهم هذا، وحجتِهم بين يدي الله، في قتلهم لأنبياء الله ورسله، وأنه ثالث ثلاثة، وأن له الشركاء والأنداد.

  لأنهم احتجوا بقضاء الله ومشيئته، وخلقه لأفعالهم - زعمتم - وقمتم بعذر جميع الكفار في قتلهم الأنبياء، وإتيانهم جميع المعاصي.

  فلا بد لك من تصديقهم، لأنه مذهبك.

  وإن نكلتَ عن ذلك ورجعت، وقلت: لا أقول إن قتل الأنبياء حق ولا صواب، ولا يجوز ذلك لي، لزمك وأنت - مفلوج الحجة - أن الله ø يقضي الحق، الذي قضى، من جميع ما أمر به، من عدل أو صواب او رشد أو حتم، ليس فيه معصية له ø من جميع المعاصي كلها، وأن قتل الأنبياء $ غير حق، بل هو أبطل الباطل، وأعظم الكفر والشرك والبهتان، وأن قتل الأنبياء À ليس من قضاء الله سبحانه، ولا من مشيئته، ولا خَلَقَ فِعلَ مَن قتل رسله، فيكون شريكاً في قتلهم، ومُعيناً لمن ظلمهم، وداخلاً فيها عاب على الكافرين، عزَّ عن ذلك كله،! وفي ذلك ترك أصلك، ورجوعك عن مقالتك، وفي هذه المسألة قطعٌ لجميع مسائلك كلها.