مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[آيات من متشابه القرآن]

صفحة 124 - الجزء 1

  الجميل، وتقول العرب إذا ساومها المساوم بالعِلْق من أعلاقها: أتبيع هذا العلق بكذا وكذا من دينار، فيقول: قد أُعطيتُ خيراً من ذلك. يريد: أنه أُعطي أكثر من ذلك، لا أن الدنانير خير من الدنانير، فانهم هذا.

  ثم قال ø: {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}⁣[ص: ٧٥]، والله ø متقدس عن الجوارح والآلات والحواس، وإنما عنى: أنه خلق بقدرته التي هي من صفة ذاته ø، وقد قال الشاعر:

  تحمَّلتُ من عفراءَ ماليس لي به ... ولا للجبالِ الراسياتِ يَدَان

  والجبال ليس لها أيدٍ، ولكن جاز ذلك في اللغة العربية.

  وقال آخر:

  وإذا عادَنِي العَوَائدُ يوماً ... قالتِ العينُ لا أُرى ما أُريدُ

  والعين لا تقول شيئا، إنما يقول اللسان، فجاز هذا في اللغة العربية. وكل ما ذهبت إليه المجبرة من التعلق بمتشابه القرءان، فكله يجري عند التفسير على هذا النحو، ولولا طول الكتاب لشرحنا كثيراً من ذلك بشواهده والاحتجاج فيه. ولعلنا على فرغة قلب، أو سلوة مِن شغل، سنضع كتاباً بحول الله وقوته، نذكر جميع المتشابه في القرءان، ونحتجّ فيه باللغة العربية وشواهدها، من أشعار العرب البيّنة ولغاتها، إن شاء الله.

  وفي بعض ما قلنا أكفي الكفاية لمن أراد الرجوع إلى القول بعدل الله ø، ولم يلحد في صفته، ولم يُشبّهه بخلقه، ولم يجوّره في حكمه، ولم يعدل بالحق إلى غير أهله.