مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[آيات من متشابه القرآن]

صفحة 125 - الجزء 1

  قال أحمد بن يحيى ~: ثم إنّ عبد الله بن يزيد البغدادي افتح في باب الاستطاعة فأكثر فيه القول والاحتجاج، يريد أن يُثبت أن الاستطاعة مع الفعل لا قبل الفعل، فرأينا أن نجيبه في الاستطاعة بِجُمَل تقطعه، وتُفسد عليه دعواه، ويَبِين فيها كسرُه، باختصار اختصرناه من الحجة الباهرة له ولإخوانه المجبرة، والقوة بالله وله.

  فقبل أن نجيبه عن الاستطاعة نسأله عن أشياء قبلها، مما يُفسد عليه الجبر، وذلك أنا نسأله عن النبي صلى الله عليه وعلى آله الأخيار وسلم ما أراد من الكفار؟

  فإن قال: أراد منهم الإيمان.

  قلنا له: فما أراد الله ø منهم؟

  فإن قال: الإيمان، صدق ورجع عن قوله، وصار إلى قولنا بالعدل.

  وإن قال: أراد منهم الكفر، وجب عليه أنه قد ألزم رسل الله ÷ أنه مخالف لله ø، وأنه قد أراد من الكفار خلافَ ما أراد الله جل ثناؤه، لأنه أراد منهم أن يؤمنوا، وأراد الله منهم أن يكفروا - على قَوَد قوله.

  ثم يقال له: فأخبرنا عن إبليس ما أراد من الكفار؟

  فإن قال: أراد منهم الإيمان، كذّبه جميع الخلق.

  وإن قال: أراد منهم الكفر.

  قلنا له: فكذلك هو، ولزمه وأصحابَه أن إبليس موافق في إرادته لإرادة الله، وأن محمداً ~ وعلى آله مخالف لله في إرادته، وكفى بهذا عمًي وجهلاً وفضيحة! على من يدعي أنه مُحقّ ومَن خالفه مبطل.

  ثم يقال له: أخبرنا عمن رايته يكفر بالله سبحانه، أقد افترض الله عليك أن لا تريد ذلك الكفر منه؟!