مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[هل القدرة قبل الفعل أو معه]

صفحة 132 - الجزء 1

  الإيمان، أثبت بذلك أنه يستطيع المحال، فلِمَ لا يكون من زعم أنه مأمور بالإيمان في حال الكفر - زاعماً - أنه مأمور بالمحال، [إذا] كان المأمور به هو الذي أحلتم أنه يستطيعه، وكانت الحال التي قلتم هو فيها مأمور بالإيمان؟!

  فإن قالوا: من قِبَل أنّا قلنا: إنه في حال الكفر مامور بأن يُفرد الإيمان فيها، فيكون بدل الكفر ولا يكون الكفر، فلا يستحيل ذلك.

  قلنا لهم عند ذلك: فلِمَ لا تقولون إنه أيضاً يستطيع في حال الكفر أن يفرد الإيمان فيها فلا يكون كفر، أفيستحيل ذلك؟!

  ونقول لهم أيضا: خبِّرونا عن قولكم: إن العبد لا يكون مستطيعاً للفعل إلا في حال الفعل، فأخبرونا عن رجل أعتق عبده متي استطاع أن يعتقه، أفي حال هو فيها عبدٌ، أم في حال هو فيها حُرّ؟!

  فإن زعموا أنه استطاع أن يعتقه في حال هو فيها عبد، لزمهم أن الاستطاعة قبل الفعل، وذلك الحق، وهو قولنا. لأن حال العبودية قبل حال العتق، وقد تركوا قولهم ورجعوا إلى قولنا!

  وإن زعموا أنه استطاع أن يعتقه وهو حرّ، لزمهم في قولهم أن الناس يستطيعون عتق الأحرار، وهذا خروج من المعقول.

  ثم نقول لهم: خبّرونا عن الأحرار، امحتاجون هم إلى العتق؟

  فإن قالوا: لا.

  قلنا لهم: فإذا كانوا في حال الملك لا يقدرون على أن يعتقوهم، وهم في حال الحرية لا يحتاجون إلى العنق، وإذا استغنوا عن العتق في حال العتق، استغنوا عن الاستطاعة على العتق في تلك الحال، وهي حال الملك ليست حالهم وقد أُعتقوا، فقد فعلوا إذاً العتق بغير استطاعة، فيلزمهم ترك قولهم.