[هل القدرة قبل الفعل أو معه]
  وإن زعموا أنهم في حال العتق محتاجون إلى العتق، قلنا لهم: أوليس هم في تلك الحال أحرار؟
  فإن قالوا: نعم.
  قلنا: فإذا كانوا أحراراً فما حاجتهم إلى العتق؟! وكيف يحتاجون إلى العتق أن يكون وقد كان؟! وليس تخلو حاجتهم إلى أن يكون العتق في حال العتق من أن تكون قد قُضيت أو لم تُقضَ، فهم عبيد في تلك الحال التي فيها استطاع الُمعتق عتقهم. وفي ذلك ترك قولهم، والرجوع إلى أن الاستطاعة قبل الفعل، إذ كانت العبودية قبل الحرية.
  وإن كانت حاجتهم إلى أن يكون العتق قد قُضيت، فمَنْ قد قُضِيت حاجته مستغنٍ، فهم مستغنون، وإن استغنوا عنه في تلك الحال استغنوا عن الاستطاعة عليه، فهم قبل تلك الحال لا استطاعة لهم، ورجع الأمر بهم إلى أنهم قد فعلوا العتق بغير استطاعة، وكفى بهذا حجة لمن عقل.
  ونقول لهم: خبّرونا مني استطاع الرجل أن يطلّق امرأته؟
  فإذا قالوا: مع الفعل، وكذلك يقولون.
  قلنا لهم: ومع الفعل هي امرأته أم ليست امرأته؟!
  فإن زعموا أنها امرأته تركوا قولهم، ولزمهم أن الاستطاعة قبل الفعل، لأنها إذا كانت امرأته في تلك الحال، فتلك الحال قبل حال الطلاق، لأنه لو كان الطلاق في تلك الحال لم تكن امرأتَه، فإذا استطاع طلاقها وهي امرأته فقد استطاع الطلاق قبل الطلاق.