مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[هل القدرة قبل الفعل أو معه]

صفحة 140 - الجزء 1

  البدن سليم الجوارح، وظاهر من امرأته فأطعم المساكين ولم يعتق، أن ذلك جائز له إذ كان لا يستطيع، لأن الله ø إنما فرض إطعام المساكين على من كان لا يستطيع العتق، فإذا كان تاركاً للعتق فلا يستطيعه فليس عليه العتق، إنما هو على من يستطيعه، وفي إثبات أنه لا يستطيع العتقَ تاركهُ إثبات أنه ليس عليه، لأن العتق على من يستطيعه، وفي ذلك القول الخروج من الإسلام، والخلاف لمحمد عليه أفضل السلام، فيما جاء به من الأحكام.

  وإن زعموا أنه لم يكن يستطيع، وأنه قد فُرض عليه، ردّوا قول الله جل ثناؤه: {فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا}⁣[المجادلة: ٤]، وردوا على جميع الأمة.

  ثم نقول لهم: أخبرونا ما تقولون في قول الله ø: {لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ٤٢}⁣[التوبة]، فهؤلاء القوم الذين تخلَّفوا عن الخروج مع النبي صلى الله عليه، فكذّبهم الله ø فيها قالوا، وبطل قولهم: {لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ}، لأن الله سبحانه علم أنهم يستطيعون الخروج قبل الخروج، ولذلك لزمهم الذنب وصاروا عصاة.