مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[هل القدرة قبل الفعل أو معه]

صفحة 139 - الجزء 1

  - حيث يقول: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}⁣[آل عمران: ٩٧].

  وإن قالوا: لم يفرضه إلا على من استطاع.

  قلنا لهم: فخبّرونا عمن استطاع، هل يمكنه أن لا يحج؟

  فإن قالوا: نعم، تركوا قولهم في أنه لا يستطيع الشيء مَن علم الله أنه لا يفعله إذا استطاعه ومن لم يفعله فقد استطاع ما لم يفعل، وما علم أنه لا يفعله، وذلك تركٌ لقولهم، إذ زعموا أنه لا يستطيع الحج إلا من حج، وإنما فَرَضه الله جل ثناؤه على من استطاع، فإنما فرض الحج على من قد حج، فأما من لم يحج فلم يفرض الله عليه الحج، لأن الذي لم يحج لم يستطع الحج، وإنما الحج على من استطاع، فقد لزمهم بذلك أن يزعموا أن الحج ليس بفرض على من لم يحجّ، والذي لم يحج ليس يستطيع الحج، إنما الحج على من قد حج، لأن الذي حج يستطيع الحج، وفي هذا الذي قالوا تركُ قول أهل الصلاة، ومفارقة دين محمد صلى الله عليه.

  فنقول لهم: خبّرونا عن قول الله ø: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ٣ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا}⁣[المجادلة]، فخبِّرونا عن من كان صحيح البدن، قد ظاهر من امرأته، ولَمْ يجد رقبة فترك العنق وأطعم ستين مسكينا، أكان مستطيعاً للعتق؟!

  فإن زعموا أنه كان مستطيعاً للعتق، فقد زعموا أنه قد يستطيع العتق من يَدَعه، وذلك تركُ ما بنوا عليه كلامَهم، لأنهم زعموا أنه لا يستطيع أحد شيئاً إلا فعله.

  وإن زعموا أنه لم يكن يستيطع العتق إذ تركه، فقد زعموا أن من كان صحيح