[القياس يشهد ببطلان زعم المجبرة]
  قلنا لهم: فخبّرونا عنهم، أصدقوا فيما قالوا، أم كذبوا في قولهم: لم يكونوا يستطيعون الخروج مع النبي صلى الله عليه؟!
  فإن زعموا أنهم كذبوا في ذلك، تركوا قولهم ولزمهم أنه قد يستطيع الشيءَ من لا يفعله، وذلك هو الحق وهو قولنا.
  وإن زعموا أنهم صدقوا في ذلك، لزمهم أنهم قد صدّقوا من كذّبه الله ø فكفروا، لأن من صدّق من كذّبه الله ø فقد كذّب الله جل ثناؤه، وذلك الكفر بالله سبحانه المصرح.
  ثم نقول لهم: خبّرونا عن الكفار أيستطيعون الإيمان في الحال التي هم فيها كفار؟ فمَن قولهم: أنهم لا يستطيعون ذلك.
  فنقول لهم: أفليس قد كلّفهم الله ø الإيمان وافترضه عليهم وهم لا يستطيعونه؟
  فمن قولهم: إنهم كلفوا بما لا يستطيعون، لعلّة كانت من الكفار وهي كفرهم.
  فقالوا: إنما منعوا الاستطاعة لأنهم تمسكوا [بالكفر]، ولو آمنوا أُعطوا القوة على الإيمان.
  فيقال لهم: أخبرونا عن الُمقعَد الذي لا يقدر أن يقوم، هل عليه أن يصلي قائما؟
  فإن قالوا: لا.
  قلنا لهم: ولِمَ ذلك؟
  [فإن] قالوا: من قِبَل انه لا يستطيع أن يصلي قائما.
  قلنا لهم: وكذلك الكافر لا يستطيع الإيمان - زعمتم - فلِمَ أوجبتم عليه أن يؤمن، ولم توجبوا على المقعد أن يصلي قائما؟