مجموع كتب الإمام الناصر أحمد بن الهادي،

الإمام الناصر أحمد بن يحيى (المتوفى: 325 هـ)

[القياس يشهد ببطلان زعم المجبرة]

صفحة 144 - الجزء 1

  فمن قولهم: إن الكافر إنها صار لا يستطيع الإيمان لعلة كانت منه وهي الكفر، والمقعد إنما كان لا يستطيع القيام لعلة كانت من الله سبحانه، وهو أن فَعلَ به الإقعاد، فصار المقعد ليس بتارك للقيام، وصار الكافر تاركاً للإيمان.

  قلنا لهم: أليس كل واحد منهما لا يستطيع خلاف ما هو عليه؟

  فإذا قالوا: نعم.

  قلنا لهم: فما جعلُ الكافر أولى بأن يكون تاركاً مستطيعاً للترك من المقعد، والمقعدُ لا يستطيع القيام، وفي ذلك كفاية كافية.

  وإن سألونا فقالوا: أخبرونا عن الكافر، هل يستطيع أن يؤمن؟

  يريدون أن نقول: نعم، وكذلك نقول.

  فيقولون: قد يستيطع أن يكون مؤمناً، فهو قد يستطيع أن يكون كافراً مؤمنا، وذلك محال – زعموا.

  فجوابنا لهم والقوة لله وحده في ذلك أنا نقول: إن الكافر يستطيع في حال الكفر أن يكون بعده مؤمنا، ولسنا نذهب إلى أنه يستطيع الجمع بين الإيمان والكفر، لأن ذلك هو المحال، كما أن النائم لا يكون مستيقظاً في حال واحدة، ولا القاعد قائماً في حال واحدة، ولا الليل والنهار يجتمعان في حال واحدة، والكافر فهو مستطيع وهو كافر أن يكون مؤمنا، قادرٌ على ذلك بعد حال الكفر، نريد أن الاستطاعة له في حال كفره على الحال بعدها.

  فإن قالوا: فإذا كان بعدها كافراً، أليس قد يستطيع في الحال الأولى وهو في حال الكفر أن يكون في الثانية مؤمنا، والثانية أيضا حال الكفر؟