الباب الأول في ما صدر به الرسالة من الشكوى
  ولقد جمعني وإياكم وإياهم مجلس فقراء قارئ: {أَلَم أَعهَد إِلَيكُم يَا بَني آدَمَ أَن لا تَعبُدُوا الشَّيطانَ إِنَّهُ لَكُم عَدُوٌّ مُبينٌ ٦٠ وَأَنِ اعبُدوني هذا صِراطٌ مُستَقيمٌ ٦١ وَلَقَد أَضَلَّ مِنكُم جِبِلًّا كَثيرًا}[يس: ٦٠ - ٦٢] الآيه فقال صدر من صدور المجبرة وشيخ من مشايخهم: ما ذنب هذا المسكين يلعنه ويوبخه؟ أليس خلق فيه العداوة والإضلال، فما بال هذا الاعتلال؟ فقال القوم: صدقت! فقام معشر من المعتزلة وقالوا: كذبت وكذبوا! بل الله بريء من ذلك. ولعنوني وإياكم، وارتفعت الضجة، وتعدى المقال إلى القتال، وتفرقنا ونحن على شر حال.
  و حضرني جماعة من المشايخ يوم عيد وشكوا المعتزلة وقالوا: فعلوا بنا كذا وقالوا لنا كذا، وإذا واحد من غمار الناس يصيح ويقول: من فعل ذلك ومن قاله؟ انحن فعلناه فقد تركتم مذهبكم، أم الله فعله، فارضوا بقضائه وإلا كفرتم.
  ولقد علمتم ما فعل الناقص بأخينا الوليد حين خرج عليه في الغيلانية، وسمعتم ما فعل من الأفاعيل بالمروانية، وبلغكم ما فعلوا