الباب الخامس عشر في ذكر المذاهب
  وحدثني من أثق به أنه كان يصلي بغير طهور، وأنه مر بمسجد والناس يصلون العصر، فقلت: متى نصلي؟ فقال: إن كنت تريد صحبتنا فدعنا عن هذه الترهات! وباع درهماً بدرهمين وشيء مكسورة فقيل له: هذا ربا، فقال: كن خفيف الروح!.
  ولقد أقر بالإسلام ولكن شرع في إبطاله فصلاً فصلاً، ووافق جماعة من الكفار في أقوالهم. ووافق جماعة من المجوس في أن من يقدر على الخير لا يقدر على الشر ومن يقدر على الشر لا يقدر على الخير. ووافق اليهود في أن النبي ليس بنبي في قبره، وأن النسخ لا يجوز لأن الكلام شيء واحد فكيف يجوز النسخ فيه. ووافق النصارى في قولهم ثالث ثلاثة أقانيم جوهر واحد وقد قال هو ثلاثة أشياء شيء واحد. ووافق الملحدة في أن ما يفعله المسلمون من الخير لا جزاء لهم عليه. وخالفته المعتزلة في جميع ذلك ولزموا الطريقة المستقيمة.
  وأما الكرامية فحماقاتهم أكثر من أن تحصى، وكان رئيسهم ابن كرام جاهلاً وأصحابه جهلة. زعموا أنه تعالى جسم. وقالوا: لا يتناهى من خمس جهات ويتناهى من جهة العرش. وقالوا: أنه تعالى نور مشرق،