الباب السادس عشر في القتال
  تبركاً بشأنه. وسووا الصفوف وفيهم راية بيضاء راية علي، تيمناً به وبأمره.
  وسوينا الصفوف وأشرعنا الرماح والسيوف. وهم مرة يتلون: {إِن يَنصُركُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُم وَإِن يَخذُلكُم فَمَن ذَا الَّذي يَنصُرُكُم مِن بَعدِهِ}[آل عمران: ١٦٠]، ومرة: {قاتِلُوا الَّذينَ لا يُؤمِنونَ بِاللَّهِ وَلا بِاليَومِ الآخِرِ}[التوبة: ٢٩]، ومرة: {فَقاتِلوا أَئِمَّةَ الكُفرِ}[التوبة: ١٢] و {كَم مِن فِئَةٍ قَليلَةٍ غَلَبَت فِئَةً كَثيرَةً بِإِذنِ اللَّهِ}[البقرة: ٢٤٩]. وكبروا تكبيرة فبلغت القلوب الحناجر وكلّت الأسنة والخناجر وتزلزلت الأقدام ونكّست الأعلام، وكبروا ثانية فانهزم الرجال والفرسان ولحقوا بالأودية والغيران، لا يلوي أولهم على آخرهم ولا يقف كبيرهم لصغيرهم.
  وبقيتُ فريداً وحيداً، أصيح بهم وأنادي: ها أنا! إليَّ إليّ! ما هذا الفشل؟ ألا تبالون بسبالي ولا تلتفتون إلى مقالي؟ فلم يبق معي راجل ولا فارس ولا رامح ولا تارس، هربتُ إذ هربوا وذهبتُ حيث ذهبوا. والقوم خلفنا يركضون ويتلون: {فَهَزَموهُم بِإِذنِ اللَّهِ}[البقرة: ٢٥١] ومرة يتلون: {وَكَفَى اللَّهُ المُؤمِنينَ القِتالَ}[الأحزاب: ٢٥] ومرة يقرأون: {قاتِلوهُم يُعَذِّبهُمُ اللَّهُ بِأَيديكُم وَيُخزِهِم وَيَنصُركُم عَلَيهِم وَيَشفِ صُدورَ قَومٍ مُؤمِنينَ}[التوبة: ١٤]. فنحن بين مقتول ومأسور ومهزوم ومجروح، لحقنا بالجبال ولزمنا الفلاة، وكتبت إليكم أستنفركم وأستنصركم. فبادروا إخواني وأغيثونا نكن يداً على دفعهم