الباب الرابع في القضاء والقدر وذكر القدرية
  وقيل لمجبر: الله يقضي الفساد ويخلقه؟ فاستلقى وقال: لي خمس بنات، لا أخاف على إفسادهن غيره. فقال المعتزلي: صدق والله! هذا حقيقة مذهبهم.
  وتشاجر معتزلي ومجبر في أن القدرية منهم؟ فجيئا بمجوسي فقالا له: يا مجوسي! ممن المجوسية؟ قال: من الله! فقال المعتزلي للمجبر: أينا يوافقه؟ ثم أنشد:
  أيتها المجبرة الملعونة ... وبالمجوس بالهوى مقرونة
  حاولتم علة قوم ذمة ... من ثم سميتم مجوس الأمة
  واجتمع أبو عمر بن العلاء وعمرو بن عبيد فقال عمرو لأبي عمرو: هل تعرف في كلام العرب أن أحداً فرط في ما لا يقدر عليه؟ قال أبو عمرو: لا. قال: فأخبرني عن قوله تعالى: {يَا حَسرَتا عَلى ما فَرَّطتُ في جَنبِ اللَّهِ}[الزمر: ٥٦]. أكان حسرته على ما قدر عليه أو على ما لم يقدر عليه؟ فقال أبو عمرو لأصحابه: قد أبان لكم أبو عثمان القدر بحرفين.