رسالة إبليس إلى إخوانه المناحيس،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

الباب السادس في الاستطاعة

صفحة 88 - الجزء 1

  أفأقدر أن أجيبك؟ قال: لا. قال: فبم أعني نفسي؟ وقال أبو الهذيل للنجار: أخبرني عن رجل في الشمس أمره الله تعالى أن ينتقل إلى الظل، متى تحصل له استطاعة الانتقال؟ قال: مع النقلة. قال: فأعطي استطاعة النقلة وهو في الشمس أو أعطي وهو في الظل؟ فإن قلت بالأول تركت مذهبك وإن قلت بالثاني فقد انتقل بغير استطاعة. فانقطع. ثم قال: وأخبرني عن موسى # إذا أومر بالقاء العصا، هل اعطي قدرة الإلقاء وهي في كفه أو بعد ما ألقى؟ فإن قلت بالأول فالاستطاعة قبل الفعل، وإن قلت بالثاني فقد ألقى بغير استطاعتة. فقال: مع إلقائها. قال: وهي في كفه أو خارجة من كفه فلا فاصل بينهما؟ فانقطع.

  وسأل مجبر أبا الهذيل: هل تقدر على أن تفعل شيئاً؟ قال: نعم، أقدر على أشياء أقدرني الله تعالى عليها باستطاعة ركبها فيّ. قال: خذ تلك الصعوة من رأس ذلك الحائط. قال: ذلك من استطاعة الباشق!

  وسأل عدلي مجبراً فقال: ما تقول أكان فرعون قادراً على الإيمان؟ قال: لا. قال: فعلم موسى أنه لا يقدر عليه؟ قال: نعم. قال: فلو قال فرعون لموسى أأقدر على الإيمان الذي تدعوني إليه ما كان يقول موسى له؟ قال: كان يقول لا تقدر. قال: فلو قال فلماذا جئتني وأنا لا أقدر على ما تدعوني إليه، أيش كان يجيب؟ قال: كان يقول لا أدري. قال: فلو قال فرعون اذهب فاعلم ثم ارجع فإني إذا قدرت آمنت - جئت أو لم تجئ - أيش كان يقول؟ فانقطع المجبر.