رسالة إبليس إلى إخوانه المناحيس،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

الباب السادس في الاستطاعة

صفحة 92 - الجزء 1

  الله خلق فيه النصرانية وقضاه عليه وقدره وأراده واختاره له، وأنه منعه من الإيمان، وأنه أتى في من قبل ربه». وكان يأتي المجبرة ويأخذ خطوطهم ويقول: اكتبوا شهاداتكم حتى تشهدون لي يوم القيامة، وكانوا يكتبون. والمعتزلة يسخرون منهم ويقولون: هؤلاء شهود الشيطان، فيسكتون.

  وسأل عدلي مجبراً عن قوله تعالى: {وَأَمّا ثَمودُ فَهَدَيناهُم فَاستَحَبُّوا العَمى عَلَى الهُدى}⁣[فصلت: ١٧]، فقال: ليس من هذا شيء بل أضلهم وخلق فيهم العمى. قال: فما معنى الآية؟ قال: مخراف مخرف به! قال: كفرتّ! فسكت.

  وسأل آخر عن ذلك فقال: معناه هدينا المؤمنين فاستحب الكافرون العمى. فقال: ما أجهلك وأشد مكابرتك! هل قال أحد ضربت زيداً فبكى عمرو؟ ثم هل الاستحباب فعلهم أو فعل مخلوق فيهم؟ فانقطع.

  وسأل عدلي مجبراً فقال: هل كان النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقدر أن يهدي أحداً؟ قال: لا. قال: فما معنى قوله {وَإِنَّكَ لَتَهدي إِلى صِراطٍ مُستَقيمٍ}⁣[الشورى: ٥٢]؟