رسالة إبليس إلى إخوانه المناحيس،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

الباب السادس في الاستطاعة

صفحة 91 - الجزء 1

  في كل شيء، إذا قال أحدهم افعل كذا فقل هل أقدر عليه؟ فإن قال نعم ترك مذهبه، وإن قال لا فقل فلِمَ تأمرني بما لا أقدر عليه؟

  وقال عدلي لمجبر: أليس الله تعالى يقول {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيطانُ أَعمالَهُم}⁣[النمل: ٢٤]؟ فالتفت إلى قوم عنده وقال: انظروا إلى هذا يزعم أن الشيطان يقدر أن يعمل شيئاً. فقال: يا أحمق! هذا نص الكتاب وليس بقولي. فانقطع.

  وسأل عدلي مجبراً عن قوله تعالى: {وَما مَنَعَ النّاسَ أَن يُؤمِنوا}⁣[الإسراء: ٩٤] ما معناه على قولك؟ قال: هذا لا معنى له، إذا كان هو المانع فما معنى السؤال؟ قال السائل: أيمنعهم ثم يسألهم؟ قال: نعم قضى على عباده بالسر ما منعهم في العلانية وأوعدهم عليه. فقال السائل: أيكون هذا فعل حكيم؟ ثم قال: فما معنى قوله تعالى: {وَماذا عَلَيهِم لَو آمَنوا بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ}⁣[النساء: ٣٩] وإن كان هو منعهم؟ قال: استهزأ بهم! قال: فما معنى قوله {ما يَفعَلُ اللَّهُ بِعَذابِكُم إِن شَكَرتُم وَآمَنتُم}⁣[النساء: ١٤٧]؟ قال: قد فعل ذلك بهم وعذبهم من غير ذنب جنوه، بل ابتدأهم بالكفر ثم عذبهم عليه، وليس للآية معنى. فقال: هذا رد لكتاب الله تعالى. فقال: أيش أصنع إذا كان هذا هو المذهب؟

  وكان بالبصرة رجل نصراني فكتب كتاباً ذكر فيه «شهد الشهود المسمون في آخر هذا الكتاب أن فلاناً النصراني لا يقدر على الإيمان، وأنا