بَابُ صِفَةِ الحَجّ

  وَتمَاَمُ الْحَجّ أنْ يُحْرِمَ لَهُ مِنْ أحَدِ الْمَوَاقِيتِ الْمَعْرُوفَةِ بعَدَ أنْ يَتَجَرّدَ مِنْ ثيِابِهِ الْمَخِيطَةِ، وَيَغْتَسِلَ، وَالْغُسْلُ سُنةّ، فَإنِ تعَذّرَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ توَضّأ، ثُم يَلَبَسُ إِزَاراً ورِداءً، ثُم يُصَلّي رَكْعَتَيْنِ، ثُم يَنوِي مَا يُرِيدُ مِنَ الْحَجّ، وَيَقُولُ: اللّهُمّ إِنّي أرِيدُ أدَاءَ فَرِيضَة حَجّة الإِسْلَامِ حَجّا مُفْرَداً - إِنْ كَانَ يُرِيدُ الإِفْرَادَ - فَيَسّرْهُ لِي، وَتقَبّلْهُ منيّ، وَمَحِلّيْ حَيْثُ حَبَسْتَنِي، أَحْرَمَ لَكَ بِالْحَجّ شَعَرِي، وَبشَرِي، وَلحْمِي، وَدَمِي، وَمَا أقَلَتِ الأرْضُ مِنيّ، لَبيْكَ اللّهُمّ لَبّيْكَ، لَبّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبّيْكَ؛ إِنّ الحَمْدَ وَالنعْمَةَ لكَ وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ، لَبيْكَ بِحَجّةٍ مُفْرَدَةٍ، تمَامُهَا وَبلَاغُهَا عَلَيْكَ. ثُم يدَعُو بِمَا شَاءَ. وَيَنهَضُ مِنْ مَوْضِعِهِ مُلَبّيُا رَافِعُا بِهَا صَوْتهُ. وَلَا يَلْبَسُ الْمَخِيطَ، وَلَا يُغَطّي رَأسَهُ بِشَيْءٍ، وَلَا يَقْطَعُ التّلْبِيَةَ مَرّةُ بعَدَ أخْرَى. ثُم لَا يَزَالُ كَذَلِكَ، حَتى إِذَا أتَى الْكَعْبَةَ طَافَ بِهَا سَبْعَةَ أشْوَاطٍ: يَبْدَأُ بِالْحَجَرِ الأسْوَدِ وَيَخْتمِ بِهِ؛ وَيَسْعَى مِنهَا ثلَاثةَ أشْوَاطٍ، وَيَمْشِي رُوَيْداً فِي الأرْبعَةِ الْبَاقِيَةِ، وَيدَعُو بمِا أحَبّ. وَيجْزِيهِ مِنهُ أنْ يقَولَ: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ٢٠١}⁣[البقرة]، ثُم يصُلّي خَلْفَ مَقَامِ إِبرَ اهيمَ # رَكْعَتَيَنِ، ثُم يَخْرُجُ فيَسْعَى بيَنَ الصّفَا وَالْمَرْوَةِ سَبعْ مَرّاتٍ: يهُرْوِلُ فِي كُلّ وَاحِدَةٍ مِنهَا بيَنَ الْمِيلَيْنِ. فَإنِ أرَادَ الْخُرُوجَ إِلَى عَرَفَةَ باَتَ لَيْلَةَ عَرَفَةَ بِمِنىُ، إِنْ أمْكَنهُ، ثُم غَدَا إِلَى عَرَفَةَ، وَمَكَثَ بِهَا، حَتى إِذَا زَالَتِ الشّمْسُ جمَعَ بِهَا بيَنَ الظّهْرِ وَالْعَصْرِ [قصْراً] بِأذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ، ثُم وَقَفَ بِهَا فِي الْمَوْقِفِ: يَدْعُو، وَيَذْكُرُ اللهَ سُبْحَانهُ إِلَى غُرُوبِ الشّمْسِ، ثُم يفِيضُ إِلَى مُزْدَلِفَةَ، فَإذِا وَصَلَهَا جمَعَ بهِا الْعِشَائيْنِ [قصْرُا]، وَيَبِيتُ بِهَا حَتّى يُصْبِحَ. ثُم يَقِفُ عِندْ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ سَاعَةُ يَذْكُرُ اللهَ سُبحْانهُ، ثُم يَعَودُ إِلَى مِنىُ، فَإذِا مَرّ بِوَادِي مُحَسّرٍ - وَهْوَ مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ - سَعَى حَثيِثُا، فَإذِا