نكت العبادات وجمل الزيادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب الإجارة

صفحة 33 - الجزء 1

بَابُ الإِجَارَةِ

  الإِجَارَةُ ضَرْباَنِ: صَحِيحَةٌ، وَفَاسِدَةٌ، فَالصحِيحَةُ: مَا تكَامَلَتْ شُرُوطُهَا، وَهْي أرْبعَةٌ: الأولُ: أنْ تكَونَ الْعَيْنُ الْمُسْتَأجَرَةُ مَعْلُومَةُ، نحْوَ: الدّارِ، أوِ الْحَانوُتِ، أوِالضّيْعَةِ، أوِ الآلَةِ. وَالثانِي: أنْ تكَونَ الْمَنفْعَةُ المْطَلْوُبةَ مِنهَا مَعْلُومَةُ: مِنْ سُكْنىَ، أوْ زِرَاعَةٍ، أوِ اسْتعِمَالٍ. وَالثالثِ: أنْ تكَونَ الْمُدّةُ الْمَضْرُوبةَ فِي الإِجَارَةِ مَعْلُومَةُ: مِنْ شَهْرٍ أوْ سَنةٍ. وَالرابعِ: أنْ تكَونَ الأجْرَةُ مَعْلُومَةُ. فَمَتَى تكَامَلَتْ هِذِهِ الشّرُوطُ صَحّتِ الإِجَارَةُ. وَالْفَاسِدَةُ: مَا وَقَعَتِ الْجَهَالَةُ لِبَعْضِ ذَلِكَ فِيهَا. فَإنِ كَانَ الْمُسْتَأجَرُ دَابةّ لِلْحَمْلِ عَلَيْهَا وَجَبَ أنْ تذُكَرَ الْمَسَافَةُ.

  وَالأجِيرُ قِسْمَانِ: مُشْتَرَكٌ، وَخَاصّ. فَالْمُشْتَرَكُ: هُوَ الّذِي يُستَأجَرُ عَلَى الْعَمَلِ: كَالصّانِعِ، أوْ عَلَى حمَلِ الْمَتَاعِ: كَالْمُكَارِي، وَهْوَ ضَامِنٌ لِمَا تلِفَ عَلَى يَدِهِ بِجِناَيَةٍ وَغَيْرِ جِناَيَةٍ، إلا أنْ يَتْلَفَ بِأمْرٍ غَالِبٍ لَا يُمْكِنُ دَفْعُهُ. وَالخْاص: هُوَ الّذِي يَسْتَأجِرُهُ مُدّةُ مِنَ الزّمَانِ؛ لِيِسْتَعْمِلَهُ فِيمَا شَاءَ، وَهْوَ غَيْرُ ضَامِنٍ لِمَا تلِفَ عَلَى يَدَيْهِ إِلّا بِجِناَيَةٍ مِنهُ. وَاسْتئِجَارُ الْمُرْضِعَةِ جَائزِ. وَالأجْرَةُ تسْتَحَقّ بِاسْتِيفَاءِ الْمَناَفِعِ، أوِ التّمَكّنِ مِنهَا دُونَ عَقْدِ الإِجَارَةِ. وَمَنِ اسْتُؤْجِرَ عَلَى عَمَلٍ كَانَ لَهُ أنْ يسْتَنِيبَ غَيْرَهُ فِيهِ بِأجْرَةٍ وَبِغَيْرِ أجْرَةٍ، إِذَا كَانَ الْعَمَلُ مِثْلَ مَا اسْتُؤْجِرَ عَليْهِ.

بَابُ المُزاَرَعَةِ

  الْمُزَارَعَةُ ضَرْباَنِ: صَحِيحَةٌ، وَفَاسِدَةٌ. فَالصحِيحَةُ: أنْ يُسلّمَ نِصْفَ أرْضِهِ - مَثَلا - إلى الزّرّاعِ مُشَاعاً، بِأجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ، عَلَى أنْ يَزْرَعَ فِيهَا شَيْئاً مَعْلُوماً، وَيَسْتَأجِرَهُ بِمِثْلِ تلِكَ الأجْرَةِ عَلَى أنْ يَزْرَعَ لَهُ نِصْفَ أرْضِهِ الْبَاقِي مِثْلَ ذَلِكَ الزّرْعِ، وَيَكُونَ الْبَذْرُ بيْنهُمَا نِصْفَيْنِ؛ فَيَكُونَ الزّرْعُ بيْنهُمَا، وَيَتَقَاصّانِ الأجْرَةَ، وَعَلَى هَذَا النحْو