نكت العبادات وجمل الزيادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب إحياء الموات

صفحة 34 - الجزء 1

  يجْري الْكَلَامُ فِي الْمُزَارَعَةِ الصّحِيحَةِ. وَأَما الْفَاسِدَةُ: فَهْيَ أنْ يُسَلّمَ أرْضَهُ عَلَى أنْ يَزْرَعَهَا الزّرّاعُ بِنِصْفِ مَا تحْمِلُ مِنَ الثّمَرَةِ، أوْ ثلُثِهِ، أوْ رُبعِهِ، أوْ غَيْرِ ذَلِكَ؛ فَإ نِهَا فَاسِدَةٌ؛ لِمَا تضَمّنتْهُ مِنَ الْجَهَالَةِ، فَإنِ ترَاضَيَا بِذَلِكَ نفَذَ، وَإنِ تنَاَزَعَا فِيهِ كَانَ الزّرْعُ للزّرّاعِ، وَلصِاحِبِ الأرْضِ كِرَاءُ أرْضِهِ، وَلِلْعَامِلِ أجْرَةُ مِثْلِهِ.

بَابُ إِحْيَاءِ المَوَاتِ

  إِحْيَاءُ الأرْضِ يَكُونُ بِأحَدِ أمُورٍ ثلَاثةٍ: إمَا بِحَرْثهِا، وَإمِا بِزِرَاعَتِهَا، وَإما بقِطْعِ أشْجَارِهَا وَتنَقِيَتِهَا؛ بِحَيْثُ تصْلُحُ لِلزّرَاعَةِ، وَإما بِالْبِناَءِ عَلَيْهَا. وَمَنْ أحْيَا أرْضُا مَلكَهَا. وَالتحَجرُ لِلأرْضِ هُوَ بِأنْ يَضْرِبَ عَلَيْهَا أعْلَاماً مِنْ جَوَانِبِهَا: كَنصْبِ الحِجَارَةِ وَالأشْجَارِ وَنحْوِ ذَلِكَ، أَوْ بِأنْ يُعَلّقَ أغْصَانَ أشْجَارِهَا وَيشُبّكَ بعَضَهَا إِلَى بعَضٍ. وَمَنْ تَحَجّرَ مَحْجَراً كَانَ أوْلَى بِإِحْياَئهِ، وَلَيسْ لِأحَدٍ أنْ يُحْيِيَهُ إِلّا بِرِضَاهُ: فَإنِ أهْمَلَهُ ثلَاثَ سِنِينَ كَانَ لِلْإِمَامِ أنْ يَأمُرَهُ بِعِمَارَتهِ، فَإنِ فَعَلَ وَإِلّا دَفَعَهُ إلِى غَيْرِهِ، وَانقْطَعَ حَقّ الأوّلِ عَنهُ، وَإنِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكِ فَحَقّ الأوّلِ ثاَبِتٌ فِيهِ. وَأَمْرُ الأرْضِ الّتِي فِيهَا آثاَرُ الْمِلْكِ، وَلَا يعُرَفُ مَالِكُهَا - إِلَى الإِمَامِ. وَمَنْ سَبَقَ إِلَى مَكَانٍ مُبَاحٍ ليِقْعُدَ فِيهِ - كَانَ أوْلَى مِنْ غَيْرِهِ حَتّى يَقُومَ مِنهُ.

كِتَابُ الشّرْكَةِ

  الشرْكَةُ عَلَى خمَسْةِ أوْجُهٍ: أَحَدُهَا: شُرْكَةُ الْمُفَاوَضَةِ: وَهْيَ أنْ يَمْلِكَ رَجُلَانِ شَيْئاً مِنَ النقّدِ مُتسَاوِياً فيَخْلِطَانِهِ عَلَى أنْ يَكُونَ مُشْتَرَكُا بيْنهُمَا، وَيَشْتَرِطَانِ أنْ يَبِيعَا وَيَشْتَرِيَا بِأمْوَالِهِمَا، وَوُجُوهِهِمَا: مُجْتمِعَيْنِ، وَمُفْتَرِقَيْنَ، وَيَكُونَ كُلّ وَاحِدٍ مِنهُمَا مُفَوّضاً فِيمَا فِي يَدِهِ وَفِي يَدِ صَاحِبِهِ، يَعْمَلُ فِي ذَلِكِ بِرَأيِهِ: فَمَا حَصَلَ مِنَ الرّبحِ كَانَ بيْنهُمَا نِصْفَيْنِ، وَمَا كَانَ مِنْ خَسَارَةٍ كَانَ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ، فَإذِا مَلَكَ أحَدُهُمَا شَيْئاً مِنَ النقّدِ دُونَ صَاحِبهِ بطَلَتْ هَذِهِ الشّرْكَةُ. وَالثانِي: شُرْكَةُ الْعَنَانِ: وَهْيَ أنْ يَشْتَرِكَا فِيمَا أحَبّا مِنَ