نكت العبادات وجمل الزيادات،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

باب الغصب

صفحة 40 - الجزء 1

بَابُ الغَصْبِ

  مَنِ اغْتَصَبَ شَيْئاً وَجَبَ عَلَيْهِ رَدّهُ عَلَى صَاحِبِهِ إِنْ عَرَفَهُ، وَإنِ لَمْ يَعْرِفْهُ كَانَ عَلَيْهِ صَرْفُهُ إِلَى مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ فُقَرَائهِمْ، وَلَا يخَرُجُ عَنْ ضَمَانِ الْغَاصِبِ إِلّا بِذَلِكَ. وَإذِا تلِفَ فِي يَدِهِ ضَمِنهُ: سَوَاءٌ كَانَ تلَفُهُ بِجِناَيَةٍ مِنهُ، أَوْ بغِيْرِ جِناَيةٍ: فَإنِ كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الأمْثَالِ ضَمِنَ مِثْلَهُ، وَإنِ كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ. وَإذِا أحْدَثَ الغَاصِبُ فِيهِ حَدَثاُ: نحْوَ كَسْرِ الْعُودِ، أَوْ خَرْقِ الثّوْبِ، وَمَا جَرَى هَذَا الْمَجْرَى - فَإنّ صَاحِبَهُ يَأخُذُهُ وَيَأَخُذُ الأرْشَ. وَإذِا اسْتَهْلَكَ مَا غَصَبَهُ حَتّى أخْرَجَهُ عَنْ باَبِهِ: نحْوَ أنْ يَكُونَ بذَراً فَيَزْرَعَهُ، أَوْ نوَىً فَيَغْرِسَهُ حَتّى صَارَ نخْلُا، أَوْ قُطْناُ فَيَغْزِلَهُ وَيَنسِجَهُ ثوْبُا، وَمَا أشْبَهَ ذَلِكَ - فَعَلَيهِ ضَمَانُ مَا اسْتَهْلَكَهُ مِنْ ذَلكِ برِد مِثْلِ مَا لَهُ مِثْلٌ، وَقِيمَةِ مَا لَهُ قِيْمَةٌ؛ وَيَكُونُ أوْلَى بهِذِهِ الْمَغْصُوباَتِ الْمُسْتَهْلكَةِ.

بَابُ العِتْقِ

  الْعِتْقُ ضَرْباَنِ: مُطْلَقٌ، وَمُعَلّقٌ. فَالْمُطْلَقُ: نحْوُ أنْ يقَولَ السّيّدُ لِعِبْدِهِ: أنَتَ حُرّ، أوْ قَدْ أعْتَقْتُكَ، وَمَا جَرَى هَذَا الْمَجْرَى، وَهَذَا يَقَعُ فِي الْحَالِ. وَالْمُعَلقُ: مَا عَلّقَهُ صَاحِبُهُ بِشَرْطٍ، أوْ وَقتٍ؛ فَإذِا حَصَلَ مَا عَلّقَهُ بِهِ وَقَعَ الْعِتْقُ: نَحْوُ أنْ يَقُولَ: أنَتَ حُرّ إِذَا مَضَى كَذَا مِنَ الْوَقْتِ، أَوْ سَلّمْتَ كَذَا مِنَ الْمَالِ، أَوْ يَحْلِفَ بِعِتْقِهِ عَلَى أمْرٍ ثمّ يَحْنثَ. وَمَنْ أعْتَقَ بعَضَ عَبْدِهِ عَتَقَ كُلّهُ. وَإنِ أعْتَقَ عَبْدُا مُشْتَرَكُا بيْنهُ وَبيَنَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهِ عَتَقَ الْعَبْدُ أيَضْا: فَإنِ كَانَ الْمُعْتِقُ غَنِيّا ضَمِنَ لِشَرِيكِهِ قِيْمَةَ نَصِيبِهِ، وَإنِ كَانَ فَقِيرُا سَعَى الْعَبْدُ لِلشّرِيكِ فِي قِيمَةِ نصِيبِهِ. وَمَنْ أعْتَقَ عَبْدَهُ فِي حَالِ مَرَضِهِ الْمَخُوفِ مِنْهُ وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ عَتَقَ الْعَبْدُ، وَسَعَى لِلْوَرَثةِ فِي ثلُثَيْ قِيمَتِهِ، وَكَذَلكِ إِنْ أوْصَى بِعِتْقِهِ بعَدَ مَوْتهِ كَانَ مِنَ الثّلُثِ أيْضُا، إلا أنْ يُجِيزَهُ الْوَرَثةَ.